تَنْبِيْهُ الغَافِلِينَ || بَابُ: مَا يُرْجَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى || Tanbihul Ghofilin || Bab Rahmat Allah Yang Di Harap-harapkan
تأليف
الإمام
الفقيه أبى الليث نصر بن محمد الحنفى السمرقندى
(ت ٣٧٣ ه)
بَابُ: مَا يُرْجَى
مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى
بسم الله
الرحمن الرحيم
قَالَ أَخْبَرَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ،
أَنْبَأَنَا ابْنُ مُعَاذٍ الْمَالِينِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ
الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ , عَنْ جَدِّهِ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ , قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُولُ: «جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ فَأَمْسَكَ
عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَأَنْزَلَ إِلَى الْأَرْضِ جُزْءًا
وَاحِدًا فِيهِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ، حَتَّى إِنَّ الْفَرَسَ لَتَرْفَعُ
حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ»
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ،
حَدَّثَنَا الدُّبَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ
, عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ للَّهِ
تَعَالَى مِائَةَ رَحْمَةٍ، أَهْبَطَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً إِلَى أَهْلِ
الدُّنْيَا، فَوَسِعَتْهُمْ إِلَى آجَالِهِمْ، وَإِنَّ اللَّهَ قَابِضٌ تِلْكَ
الرَّحْمَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَضُمُّهَا إِلَى التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ،
فَيُكْمِلُهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ لِأَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ طَاعَاتِهِ» .
قَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الرَّحْمَةِ لِيَحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا
أَكْرَمَهُمْ بِهِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَيَشْكُرُوهُ وَيَعْمَلُوا عَمَلًا صَالِحًا
لِأَنَّ مَنْ يَرْجُو رَحْمَتَهُ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ وَيَجْتَهِدُ لِكَيْ يَنَالَ
مِنْ رَحْمَتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ
مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: ٥٦] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ
يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا} [الكهف: ١١٢] وَقَالَ
اللَّهُ تَعَالَى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦] يَعْنِي
لِكُلِّ شَيْءٍ نَصِيبٌ مِنْ رَحْمَتِي
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَّهُ
قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ الآيَةُ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦]
تَطَاوَلَ إِبْلِيسُ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ وَقَالَ: أَنَا شَيْءٌ مِنَ
الْأَشْيَاءِ يَكُونُ لِي نَصِيبٌ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَتَطَاوَلَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى،
فَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [الأعراف: ١٥٦] يَعْنِي سَأَجْعَلُ رَحْمَتِي لِلَّذِينَ
يَتَّقُونَ الشِّرْكَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، يَعْنِي يُعْطُونَ الزَّكَاةَ
وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ.
يَعْنِي يُصَدِّقُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ.
فَيَئِسَ إِبْلِيسُ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَقَالَتِ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ نَتَّقِي الشِّرْكَ وَنُؤْتِي الزَّكَاةَ
وَنُؤْمِنُ بِآيَاتِهِ.
ثُمَّ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} [الأعراف: ١٥٧] يَعْنِي الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَئِسَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى
وَبَقِيَتِ الرَّحْمَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً.
فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَحْمَدَ
اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا أَكْرَمَهُ بِهِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَجَعَلَ اسْمَهُ
مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَسْأَلُ رَبَّهُ أَنْ يَتَجَاوَز عَنْ ذُنُوبِهِ
كَمَا رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ الرَّازِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى
عَلَيْهِ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِلَهِي قَدْ أَنْزَلْتَ إِلَيْنَا رَحْمَةً
وَاحِدَةً، وَأَكْرَمْتَنَا بِتِلْكَ الرَّحْمَةِ، وَهِيَ الْإِسْلَامُ، فَإِذَا
أَنْزَلْتَ عَلَيْنَا مِائَةَ رَحْمَةٍ فَكَيْفَ لَا نَرْجُو مَغْفِرَتَكَ.
وَذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِلَهِي إِنْ كَانَ
ثَوَابُكَ لِلْمُطِيعِينَ، وَرَحْمَتُكَ لِلْمُذْنِبِينَ، فَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ
لَسْتُ مُطِيعًا لَا أَرْجُو ثَوَابَكَ فَأَنَا مِنَ الْمُذْنِبِينَ، فَأَرْجُو
رَحْمَتَكَ.
وَذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِلَهِي خَلَقْتَ
الْجَنَّةَ وَجَعَلْتَهَا وَلِيمَةً لِأَوْلِيَائِكَ، وَآيَسْتَ الْكُفَّارَ
مِنْهَا وَخَلَقْتَ مَلَائِكَتَكَ غَيْرَ مُحْتَاجِينَ إِلَيْهَا، وَأَنْتَ
مُسْتَغْنٍ عَنْهَا، فَإِنْ لَمْ تُعْطِنَا الْجَنَّةَ فَلِمَنْ تَكُونُ
الْجَنَّةُ
حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا
مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ
عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: " دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ مَا عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ، قَالَ
لِأَهْلِهِ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي
بِالنَّارِ، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ ذَرُوا نِصْفِي فِي الْبَحْرِ، وَنِصْفِي
فِي الْبَرِّ، فَلَمَّا مَاتَ فَعَلُوا ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى
الْبَرَّ وَالْبَحْرَ فَجَمَعَاهُ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟
قَالَ مَخَافَتُكَ يَا رَبُّ. فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِذَلِكَ "
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْقَارِئُ، حَدَّثَنَا بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ , عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ
عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: اطَّلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَضْحَكُ، فَقَالَ: «أَتَضْحَكُونَ وَالنَّاسُ مِنْ وَرَائِكُمْ؟ وَاللَّهِ
لَأَرَاكُمْ تَضْحَكُونَ» ، ثُمَّ أَدْبَرَ فَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا
الرَّخَمَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا الْقَهْقَرَى، وَقَالَ: " جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالَ
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ {٤٩} وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ
الْعَذَابُ الأَلِيمُ} [الحجر: ٤٩-٥٠] "
حَدَّثَنَا الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ زِيَادٍ بْنُ أَنْعَمَ الْأَفْرِيقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبُ عَبْدِهِ
أَنْ يَغْفِرَهُ.
كَانَ رَجُلٌ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ قَتَلَ
تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، ثُمَّ أَتَى رَاهِبًا فَقَالَ: إِنِّي قَتَلْتُ
تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ تَجِدُ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا.
لَقَدْ أَسْرَفْتَ، فَقَامَ إِلَيْهِ
فَقَتَلَهُ.
ثُمَّ أَتَى رَاهِبًا آخَرَ فَقَالَ: إِنِّي
قَتَلْتُ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ تَجِدُ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَقَدْ
أَسْرَفْتَ وَمَا أَدْرِي! وَلَكِنْ هَهُنَا قَرْيَتَانِ، إِحْدَاهُمَا يُقَالُ
لَهَا: بُصْرَى وَالْأُخْرَى يُقَالُ لَهَا: كَفَرَةٌ، فَأَمَّا أَهْلُ بُصْرَى
فَهُمْ يَعْمَلُونَ بِأَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ لَا يَلْبَثُ فِيهَا غَيْرُهُمْ،
فَإِنْ أَتَيْتَ بُصْرَى فَعَمِلْتَ
بِأَعْمَالِهِمْ فَلَا تَشُكَّنَّ فِي تَوْبَتِكَ.
فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ يُرِيدُهَا فَلَمَّا
كَانَ بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ
مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ وَمَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، فَسَأَلَتِ الْمَلَائِكَةُ
رَبَّهَا عَنْهُ فَقِيلَ لَهُمْ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ فَإِلَى
أَيَّتِهِمَا كَانَ أَقْرَبَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَاسُوا بَيْنَ
الْقَرْيَتَيْنِ فَوَجَدُوهُ أَقْرَبَ إِلَى بُصْرَى، بِقَدْرِ أُنْمُلَةٍ
فَكُتِبَ مِنْ أَهْلِهَا "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَزْهَرِيِّ، عَنْ
يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عُمَرَ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى
عَنْهُ , قَالَ: «ثَلَاثَةٌ أَقْسَمْتُ عَلَيْهِنَّ، وَالرَّابِعَةُ لَوْ
أَقْسَمْتُ عَلَيْهَا لَصَدَقَتْ.
لَا يَتَوَلَّى اللَّهُ أَحَدًا فِي الدُّنْيَا
فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَجْعَلُ ذَا السَّهْمِ فِي
الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ، وَلَا يُحِبُّ أَحَدٌ قَوْمًا إِلَّا كَانَ
مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالرَّابِعَةُ لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ
فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ»
حَدَّثَنَا ابْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
خُزَيْمَةَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ , قَالَ: قَالَ ابْنُ
مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أَرْبَعُ آيَاتٍ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ خَيْرٌ
لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ
أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ
بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٨] وَقَوْلُهُ عَزَّ
وَجَلَّ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا
اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}
[النساء: ٦٤] وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا
تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا}
[النساء: ٣١] يَعْنِي الْجَنَّةَ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ
يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}
[النساء: ١١٠] .
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «شَفَاعَتِي
لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي، مَنْ كَذَّبَ بِهَا لَمْ يَنَلْهَا»
.
قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ
مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَمَا لَهُ وَلِلشَّفَاعَةِ، يَعْنِي لَا يَحْتَاجُ
إِلَى الشَّفَاعَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي مَنْ كَذَّبَ
بِهَا لَمْ يَنَلْهَا»
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ: خَرَجَ
عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "
خَرَجَ مِنْ عِنْدِي خَلِيلِي جِبْرِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ
آنِفًا فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا، إِنَّ
للَّهِ عَبْدًا مِنْ عِبَادِهِ، عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى خَمْسُ مِائَةِ سَنَةٍ
عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ، عَرْضُهُ وَطُولُهُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا فِي ثَلَاثِينَ
ذِرَاعًا، وَالْبَحْرُ مُحِيطٌ بِهِ أَرْبَعَةُ آلَافِ فَرْسَخٍ مِنْ كُلِّ
نَاحِيَةٍ، أَجْرَى اللَّهُ لَهُ عَيْنًا عَذْبَةً بِعَرْضِ الْإِصْبَعِ، بِمَاءٍ
عَذْبٍ يَسْتَنْقِعُ مِنْ أَسْفَلِ الْجَبَلِ، وَشَجَرَةُ رُمَّانٍ كُلَّ يَوْمٍ
يَخْرُجُ لَهُ مِنْهَا رُمَّانَةٌ؛ فَإِذَا أَمْسَى نَزَلَ فَأَصَابَ مِنَ
الْوُضُوءِ وَأَخَذَ تِلْكَ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا، ثُمَّ قَامَ لِصَلَاتِهِ
فَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَقْبِضَهُ سَاجِدًا، وَأَنْ لَا يَجْعَلَ لِلْأَرْضِ وَلَا
لِشَيْءٍ عَلَى جَسَدِهِ سَبِيلًا حَتَّى يَبْعَثَهُ وَهُوَ سَاجِدٌ فَفَعَلَ
اللَّهُ ذَلِكَ لَهُ.
قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
فَنَحْنُ نَمُرُّ عَلَيْهِ إِذَا هَبَطْنَا وَعَرَجْنَا، وَهُوَ عَلَى حَالِهِ فِي
السُّجُودِ قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فَنَجِدُ فِي
الْعِلْمِ أَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ
تَعَالَى، فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ
بِرَحْمَتِي، فَيَقُولُ بَلَى بِعَمَلِي، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى
لِلْمَلَائِكَةِ حَاسِبُوا عَبْدِي بِنِعْمَتِي عَلَيْهِ وَبِعَمَلِهِ، فَيُوجَدُ
نِعْمَةُ الْبَصَرِ، قَدْ أَحَاطَتْ بِعِبَادَتِهِ خَمْسُ مِائَةِ سَنَةٍ
وَبَقِيَتْ نِعْمَةُ الْجَسَدِ،
فَيَقُولُ أَدْخِلُوا عَبْدِيَ النَّارَ فَيُجَرُّ إِلَى
النَّارِ، فَيُنَادِي يَا رَبِّ بِرَحْمَتِكَ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ
رُدُّوهُ، فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَقُولُ: عَبْدِي مَنْ خَلَقَكَ وَلَمْ
تَكُ شَيْئًا؟ فَيَقُولُ أَنْتَ يَا رَبُّ.
فَيَقُولُ: أَكَانَ ذَلِكَ بِعَمَلِكَ أَوْ بِرَحْمَتِي؟
فَيَقُولُ: بَلْ بِرَحْمَتِكَ.
فَيَقُولُ: مَنْ أَنْزَلَكَ فِي جَبَلٍ فِي وَسَطِ
اللُّجَّةِ وَأَخْرَجَ الْمَاءَ الْعَذْبَ مِنَ الْمَالِحِ، وَأَخْرَجَ لَكَ
رُمَّانَةً فِي كُلِّ لَيْلَةٍ.
وَإِنَّمَا تَخْرُجُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً،
وَسَأَلْتَنِي أَنْ أَقْبِضَ رُوحَكَ سَاجِدًا، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ.
مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ أَنْتَ يَا رَبُّ.
قَالَ: فَكُلُّ ذَلِكَ بِرَحْمَتِي وَبِرَحْمَتِي
أُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ.
قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
إِنَّمَا الْأَشْيَاءُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ ".
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «مَا
اجْتَمَعَ الرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ عِنْدَ الْمَوْتِ
إِلَّا أَعْطَاهُ مَا يَرْجُوهُ. وَصَرَفَ عَنْهُ مَا يَخَافُ» .
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «لَنْ يَنْجُوَ
أَحَدُكُمْ بِعَمَلِهِ» .
قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ.
فَقَارِبُوا وَسَدِّدُوا وَاغْدُوا وَرُوحُوا شَيْئًا مِنَ الدُّلَجَةِ الْقَصْدَ
تَبْلُغُوا»
وَرَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى
عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّروا، وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا»
.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَنْ تَزَالَ الرَّحْمَةُ
بِالنَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى إِنَّ إِبْلِيسَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِمَّا
يَرَى مِنْ سِعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ
وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ,
أَنَّهُ قَالَ: «يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ أَمَّا مَا كَانَ لِي قَبْلَكُمْ
فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكُمْ، وَبَقِيَتِ التَّبِعَاتُ، فَتَوَاهَبُوهَا وَادْخُلُوا
الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي» .
وَكَانَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللَّهِ
تَعَالَى عَلَيْهِ , يَقُولُ: الْخَوْفُ مَا دَامَ الرَّجُلُ صَحِيحًا أَفْضَلُ،
فَإِذَا مَرِضَ وَعَجَزَ عَنِ الْعَمَلِ فَالرَّجَاءُ أَفْضَلُ، يَعْنِي أَنَّ
الرَّجُلَ إِذَا كَانَ صَحِيحًا كَانَ الْخَوْفُ أَفْضَلَ حَتَّى يَجْتَهِدَ فِي
الطَّاعَاتِ وَيَجْتَنِبَ الْمَعَاصِي، فَإِذَا مَرِضَ وَعَجَزَ عَنِ الْعَمَلِ
كَانَ الرَّجَاءُ لَهُ أَفْضَلَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ , بِإِسْنَادِهِ
عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: " أَوْحَى اللَّهُ
تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ يَا
دَاوُدَ بَشِّرِ الْمُذْنِبِينَ وَأَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ.
فَقَالَ: كَيْفَ أُبَشِّرُ الْمُذْنِبِينَ وَأُنْذِرُ
الصِّدِّيقِينَ؟ قَالَ: بَشِّرِ الْمُذْنِبِينَ بِأَنِّي لَا يَتَعَاظَمُنِي
ذَنْبٌ أَنْ أَغْفِرَ، وَأَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ أَنْ لَا يُعْجَبُوا
بِأَعْمَالِهِمْ، فَإِنِّي لَا أَضَعُ عَدْلِي وَحِسَابِي عَلَى أَحَدٍ إِلَّا
أَهْلَكْتُهُ "
وَرَوَى ابْنُ أَبِي رَوَّادَ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: إِنِّي أَنَا اللَّهُ
مَالِكُ الْمُلْكِ، قُلُوبِ الْمُلُوكِ بِيَدِي، فَأَيُّمَا قَوْمٍ رَضِيتُ
عَنْهُمْ جَعَلْتُ قُلُوبَ الْمُلُوكِ عَلَيْهِمْ رَحْمَةً، وَأَيُّمَا قَوْمٍ
سَخِطْتُ عَلَيْهِمْ جَعَلْتُ قُلُوبَ الْمُلُوكِ عَلَيْهِمْ نِقْمَةً، فَلَا
تَشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِلَعْنِ الْمُلُوكِ وَتُوبُوا إِلَى أَرْفَقِهِمْ
عَلَيْكُمْ.
وَرَوَى الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ
الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ فِي جَنَّتِهِ
أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا
قَنَطَ مِنْ رَحْمَتِهِ أَحَدٌ»
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ
الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ ,
قَالَ: " رَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ فِي الْمَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا
يَحْيَى مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: دَعَانِي فَقَالَ لِي: يَا شَيْخَ
السُّوءِ، فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ مَا بِهَذَا حَدَّثْتُ
عَنْكَ، قَالَ: وَبِمَا حَدَّثْتَ قَالَ: قُلْتُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا ,
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّكَ قُلْتَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَشِيبُ فِي
الْإِسْلَامِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعَذِّبَهُ، إِلَّا وَأَنَا أَسْتَحْيِي أَنْ
أُعَذِّبَهُ وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ.
قَالَ: صَدَقَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَصَدَقَ مَعْمَرٌ،
وَصَدَقَ الزُّهْرِيُّ، وَصَدَقَ عُرْوَةُ، وَصَدَقَتْ عَائِشَةُ، وَصَدَقَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَقَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، وَصَدَقْتُ أَنَا يَا يَحْيَى إِنِّي لَا أُعَذِّبُ مَنْ
شَابَ فِي الْإِسْلَامِ.
ثُمَّ أَمَرْتُ بِذَاتِ الْيَمِينِ إِلَى الْجَنَّةِ
"
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّهُ
دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَهُ يَبْكِي،
فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " جَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالَ:
إِنَّ اللَّهَ يَسْتَحِي أَنْ يُعَذِّبَ أَحَدًا قَدْ شَابَ فِي الْإِسْلَامِ،
فَكَيْفَ لَا يَسْتَحِي مَنْ شَابَ فِي الْإِسْلَامِ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ
تَعَالَى ".
فَالْوَاجِبُ عَلَى الشَّيْخِ أَنْ يَعْرِفَ هَذِهِ
الْكَرَامَةَ وَيَشْكُرَ اللَّهَ وَيَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،
وَيَسْتَحِي مِنَ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، وَيَمْتَنِعَ مِنَ الْمَعَاصِي،
وَيَكُونَ مُقْبِلًا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ الزَّرْعَ إِذَا
دَنَا حَصَادُهُ لَا يُنْظَرُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الشَّابُّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ
يَتَّقِي اللَّهَ وَيَجْتَنِبَ الْمَعَاصِيَ وَيُقْبِلَ عَلَى الطَّاعَاتِ
فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى يَأْتِي أَجَلُهُ، فَإِنَّ الشَّابَّ إِذَا كَانَ
مُقْبِلًا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي يَوْمِ
الْقِيَامَةِ تَحْتَ عَرْشِهِ. كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ .
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَاسِمُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنُ بَرْزَوَيْهِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ خُشْنَامَ، حَدَّثَنَا
سُوَيْدٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ
عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَبْعَةٌ
يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ، يَوْمَ لَا
ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ،
وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى
يَعُودَ إِلَيْهِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ تَعَالَى، اجْتَمَعَا
عَلَيْهِ وَافْتَرَقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَالِيًا
فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا
تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا فَعَلَتْ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ
حُسْنٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
".
وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

Komentar
Posting Komentar