البشرى
البشرى
فى
مَنَاقِبِ السَّيِّدَةِ
خَدِيْجَةَ الْكُبْرَى رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا
بقلم صاحب الفضيلة
السيد
مُحمد بن علوي المالكي الحسنى
من علماء
المسجد الحرام
مقدمة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
حافظ المسلمون – عبر القرون – علي الآثار النبوية والاسلامية لكي تستلهم الأجيال
المقبلة
منها
الدروس والعبر. وجا دور الوهابية فهدموا القبور والقباب ١٩٢٤
م
معتقدين
انها
= في
عام
١٣٤٣ بدعة محرمة واستثنوا من هذا التحريم قبر النبي وقبته. ولم يوافقهم علي هذا الرأي فكريا
جمهور
المسلمين وعارضوهم عمليا باستمرارهم
لزيارة
المواقع المهدومة واستلهام ذكريات ابطال الاسلام والآثار الاسلامية التاريخية . ومن هذه الأماكن التي وفقني الله لزيارتها عام ١٣٨٣ ورأيت طائفة كبيرة من الحجاج وخاصة المسلمين من تركيا يحافظون على زيارتها ما يأتي:
١. مولد النبي صلى الله عليه وآله وسـلم في شعب علي في محلة القشاشية في مكة المكرمة.
٢. دار خديجة بنت خويلد زوجة النبي النبي صلى الله عليه وآله وسـلم التي نصرت الاسلام بأموالها حتى قيل : ما قام الاسلام الا بسيف علي وأموال خديجة . وتقع في سوق الصاغة المتفرع من سوق الطويل خلف المسعى .
وكانت هذه الدار مهبط الوحي والتنزيل ومولد السيدة فاطمة الزهرا رضي الله عنها .
٣. مقبرة المعلاة الواقعة في محلة السليمانية وفيها مقبرة السيدة خديجة الكبرى وأبو طالب حامي الرسول وناصره وجدي الرسول عبد مناف وعبد المطلب الذي يحتفظ التاريخ الاسلامي بمواقفه الجريئة والمفعمة بالايمان مع أصحاب الفيل الذين صدوا هدم الكعبة المشرفة فأخزاهم الله وانزل فيهم سورة الفيل .
(ومع الأسف) الأنباء الواصلة تفيد بان الحكومة السعودية قررت محو هذه الآثار بالمرة من الخارطة متذرعة بحجة الزحام أيام الحج وضرورة توسعة المسجد الحرام.
(وغريب) ان تتخذ هذه الذرائع لهدم الآثار النبوية فان من الممكن التوسعة من دون عرض هذه الآثار للهدم والإبادة. مع أن أمنية كل حاج مسلم ان يتعرف على الآثار النبوية وليس في هدمها الا استهانة بقيمتها التاريخية وبأهدافها الرسالية مع أن الأمم تحتفظ بالآثار التي هي أقل شانا وأصالة . وانا لله وانا إليه راجعون .
وبهذه المناسبة المؤلمة قدمت للطبع هذه الرسالة التي كتبها صاحب الفضيلة من علما المسجد الحرام محمد بن شيخنا محدث الحجاز السيد محمد بن علوي الحسني المالكي في مناقب السيدة خديجة الكبرى
عسى ان تكون ذكرى وموعظة لمن يريد التعرف علي تاريخ الاسلام ويعتز بتراثه الخالد .
محمد حسين الحسيني الجلالي
(صورة) مزارات السيدة خديجة وأبو طالب وجدي النبي صلى الله عليه وسلم عبد مناف وعبد المطلب في مقبرة المعلاة في مكة هدمها الوهابيون في سنة ١٣٤٣ هجرية = ١٩٢٤ م .
(صورة) دار السيدة خديجة التي كانت منزل النبي صلى الله عليه وسلم ومولد فاطمة الزهراء عليه السلام الواقعة في سوق الصاغة في مكة هدمتها الحكومة السعودية عام ١٤١٣ ه .
بسم الله الرحمن الرحيم
اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي شَرَّفَ هٰذَا الْوُجُوْدَ بِبِعْثَةِ أَكْرَمِ نَبِيٍّ وَأَعَزِّ مَوْلُوْدٍ * سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ
الْمُقَدَّسِ الْمَحْمُوْدِ * ذِي الشَّفَاعَةِ الْعُظْمَى وَالْحَوْضِ الْمَوْرُوْدِ * عُنْصُرِ الْفَضَائِلِ الْمَشْهُوْدِ *وَكَرِيْمِ الْأُمَّهَاتِ وَالْآبَاءِ وَالْجُدُوْدِ * نُخْبَةِ
الْعَالَمِ * وَسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ * مَنْ انْتَقَلَ فِي الْغُرَرِ الْكَرِيْمَةِ نُوْرُهُ * وَأَضَاءَ الْكَوْنَ مِيْلَادُهُ وَبِعْثَتُهُ وَظُهُوْرُهُ * وَطَلَعَتْ شَمْسُ الْهِدَايَةِ وَالْعِرْفَانِ * بِانْفِلَاقِ صُبْحِهِ عَلَى كُلِّ اْلأَكْوَانِ
* وَالصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ السَّادَاتِ * كَامِلِ الشَمَائِلِ وَالصِّفَاتِ * ذِي النُّوْرِ الْعَمِيْمِ
* وَالْقَدْرِ
الْعَظِيْمِ * وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيْمِ * وَالدِّيْنِ الْقَوِيْمِ
*وَالْحَسَبِ الصَّمِيْمِ * وَالْمَجْدِ الْفَخِيْمِ * وَعَلَى آلِهِ
وَصَحَابَتِهِ * وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ * وَتَابِعِيْهِ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِ * وَخَدِيْجَةَ الَّتِي تَشَرَّفَتْ بِعِشْرَتِهِ وَصُحْبَتِهِ * وَفَازَتْ بِخِدْمَتِهِ * وَشَهِدَتْ يَوْمَ بِعْثَتِهِ * وَقَامَتْ بِتَأْيِيْدِهِ فِي دَعْوَتِهِ
* وَمُؤَازَرَتِهِ
وَنُصْرَتِهِ *
أَمَّا بَعْدُ * فَهٰذِهِ نَفَحَاتٌ نَبَوِيَّةٌ
* وَفُيُوْضَاتٌ
رَبَّانِيَّةٌ * جَرَى بِهَا الْقَلَمُ فِي مَنَاقِبِ أُمِّ الْمُؤْمِنِيْنَ
*وَفَضَائِلِ زَوْجَةِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِيْنَ
* وَشَمَائِلِهَا
الَّتِي هِيَ مِنْ أَحْسَنِ الشّمَائِلِ
* اَلْمُقْتَبِسَةِ مِنْ أَخْلَاقِ ذٰلِكَ اْلإِنْسَانِ الْكَامِلِ * سَيِّدِ اْلأَوَاخِرِ وَاْلأَوَائِلِ * جَمَعْتُهَا لِكَيْ تَتَعَطَّرَ بِهَا الْمَجَالِسُ وَالنَّوَادِي
* فِي الْحَوَاضِرِ وَالْبَوَادِي
* اِنْتَخَبْتُهَا
مِنْ عُيُوْنِ اْلأَخْبَارِ
* وَمَجَامِيْعِ اْلآثَارِ * الْمُوْدَعَةِ
فِي السِّيَرِ وَاْلأَسْفَارِ
* وَضَمِنْتُهَا مِنْ ذَلِكَ كُلَّ
مَا هُوَ مَقْبُوْلٌ
* عِنْدَ اْلأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ الْفُحُوْلِ *مِنْ كُلِّ قَوْلٍ مَحْمُوْدٍ
* لَيْسَ بِمَوْضُوْعٍ وَلَا مَرْدُوْدٍ * وَهٰذَا أَوَانُ الشُّرُوْعِ فِي الْمَقْصُوْدِ *
بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْمَعْبُوْدِ
*
فَأَقُوْلُ
: هِيَ سَيِّدَتُنَا خَدِيْجَةُ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ
بْنِ أَسَدٍ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ اْلأَسَدِيَّةِ *تَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَدِّهِ قُصَيٍّ الَّذِي
جَمَعَ الْقَبَائِلَ الْقُرَشِيَّةَ * وَأُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتِ زَائِدَةٍ بْنِ اْلأَصَمِّ
* مِنْ بَنِى عَامِرٍ بْن لُؤَيٍّ بْنِ غَالِبٍ * فَأَكْرِمْ بِهَذَا النَّسَبِ الطَّاهِرِ الَّذِي هُوَ نَسَبُ أَشْرَفِ الْحَبَائِبِ
* وَقَدْ
حَفِظَهَا اللهُ تَعَالَى مِنْ أَرْجَاسِ الْجَاهِلِيَّةِ * فَأَحَاطَ
عِرْضَ هَذِهِ السَّيِّدَةِ الزَّكِيَّةِ * وَصَانَهُ مِنْ كُلِّ أَذِيَّةٍ وَبَلِيَّةٍ * بِرِعَايَتِهِ وَعِنَايَتِهِ الْبَاهِرَةِ *وَلِذَلِكَ كَانْتْ تُلَقَّبُ بِالسَّيِّدَةِ الطَّاهِرَةِ * فَمَا
أَجَلَّ هَذِهِ الْمِنْحَةَ الْفَاخِرَةَ * وَاشْتَهَرَ تَلْقِيْبُهَا بِالْكُبْرَى * لِعِظَمِ شَأْنِهَا فِي الْمَعَاهِدِ اْلأُخْرَى* وَهِيَ بِذَلِكَ أَحَقُّ وَأَحْرَى *
وَقَدْ وُلِدَتْ رَضِيَ اللهُ
تَعَالَى عَنْهَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً * فَنَشَأَتْ
فِي بَيْتٍ طَاهِرٍ طَيِّبِ اْلأَعْرَاقِ
* عَلَى أَكْمَلِ السِّيَرِ الْمَحْمُوْدَةِ وَأَحْسَنِ اْلأَخْلَاقِ
* فَكَانَتْ
رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مُتَكَامِلَةً حُسْنًا وَعَقْلًا
* وَجَمَالًا وَفَضْلًا * حَازِمَةً رَشِيْدَةً فِي جَمِيْعِ أُمُوْرِهَا * حَسَنَةَ التَّدبِيْرِ وَالتَّصَرُّفِ فِي جَمِيْعِ شُؤُوْنِهَا *ذَاتِ فِرَاسَةٍ قَوِيَّةٍ* وَهِمَّةٍ عَلِيَّةٍ
* لَهَا نَظَرٌ ثَاقِبٌ * وَمَعْرِفَةٌ دَقِيْقَةٌ بِالْعَوَاقِبِ
* أَغْنَاهَا اللهُ تَعَالَى بِسَعَةِ النِّعَمِ
* وَكَثْرَةِ الْخَدَمِ وَالْحَشَمِ * وَمَنَّ عَلَيْهَا ذُو الْجَلَالِ
* بِكَثْرَةِ اْلأَمْوَالِ * فَكَانَتْ
تَسْتَأْجِرُ الرِّجَالَ * لِيُتَاجِرُوْا فِي ذَلِكَ بِالْحَلَالِ
*فَتُضَارِبَهُمْ (١) عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَعْلُوْمٍ * وَيَسْتَفِيْدَ
بِذَلِكَ الْجَمِيْعُ عَلَى الْعُمُوْمِ
* وَظَهَرَتْ أَسْرَارُ تِلْكَ اْلأَخْلَاقِ الْمَرْضِيَّةِ * وَاْلأَوْصَافِ الْحَسَنَةِ الزَّكِيَّةِ * فِيْمَا بَلَغَتْهُ بَيْنَ قَوْمِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ *مِنْ مَكَانَةٍ عَلِيَّةٍ * وَرُتْبَةٍ سَنِيَّةٍ * وَشُهْرَةٍ قَوِيَّةٍ *فَهِيَ الدُّرَّةُ الثَّمِيْنَةُ الطَّاهِرَةُ * الرَّزِيْنَةُ
* دَوْحَةُ
الْمَجْدِ الطَّيِّبَةُ الْفُرُوْعِ * وَشَجَرَةُ الْفَرْدِ الْيَانِعَةُ اْلأَفْرَادِ وَالْمَجْمُوْعِ *
--------------------
١) المضاربة: هي اعطاء الرجل ماله لآخر يتجر فيه وله جزء من الربح. )
الّٰلهُمَّ انْشُرْ
نَفَحَاتَ الرِّضْوَانِ عَلَيْهَا # وَأَمِدَّنَا مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي
أَوْدَعْتَهَا لَدَيْهَا
الّٰلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى
زَوْجِهَا الْأَمِينْ # سَيِّدِنِا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينْ
وَقَدْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى لِهٰذِهِ السَّيِّدَةِ الطَّاهِرَةِ *أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ شَرَفِ الدُّنْيَا وَعِزِّ اْلآخِرَةِ
*فَوَصَلَتْ إِلَيْهَا أَخْبَارُ سَيِّدِ الْمُرْسَلِيْنَ * وَأَخَذَتْ
تَتَعَرَّفُ عَلَيْهَا بِتَدَبُّرٍ وَتَفَكُّرٍ وَيَقِيْنٍ * فَرَأَتْ أَنَّهُ الْمُجْمَعُ عَلَى فَضْلِهِ الْمُبِيْنِ * وَاَنَّهُ الْمَشْهُوْدُ لَهُ بِأَنَّهُ
التَّقِيُّ النَّقِيُّ اْلأَمِيْنُ
* وَاَنَّهُ الصَّادِقُ الْمُصَدَّقُ *وَالْكَرِيْمُ الَّذِي لَا يُلْحَقُ وَلَا يُسْبَقُ *
فَعَلِمَتْ أَنَّ مُعَامَلَةَ مِثْلِ هٰذَا نَاجِحَةٌ
*وَمُتَاجَرَتَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ رَابِحَةٌ * فَمَا كَانَ مِنْهَا اِلَّا أَنْ بَعَثَتْ إِلَيْهِ
* وَعَرَضَتْ مَشْرُوْعَهَا التِّجَارِيَّ عَلَيْهِ
* وَهُوَ أَنْ يَتَّجِرَ لَهَا فِي مَالِهَا *وَتُعْطِيْهِ لِعُمَّالِهَا *
فَقَبِلَ ذٰلِكَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
* وَخَرَجَ
بِتِجَارَتِهَا مِنَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ * قَاصِدًا بِلَادَ الشَّامِ * وَهٰذِهِ هِيَ الرِّحْلَةُ الثَّانِيَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سَافِرٌ إِلَى الشَّامِ * اِلَّا فِي هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ
* فِي عَامَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ
* كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ الْمَرْجُوْعِ إِلَيْهِمْ * الْمُعَوَّلِ عَلَى قَوْلِهِمْ *
وَأَرْسَلَتْ مَعَهُ مَيْسَرَةَ الْغُلَامَ
* وَأَوْصَتْهُ
عَلَيْهِ وَأَمَرَتْهُ أَنْ يَكُوْنَ قَائِمًا بِخِدْمَتِهِ حَقَّ الْقِيَامِ
* فَأَلْقَى اللهُ مَحَبَّةَ النَّبِيِّ فِي قَلْبِهِ * حَتَّى
أَخَذَتْ بِعَقْلِهِ وَلُبِّهِ
* وَخَدَمَهُ فَأَخْلَصَ خِدْمَتَهُ *وَصَحِبَهُ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُ * وَرَأَى بِعَيْنِهِ شَيْئًا مِنْ أَسْرَارِهِ
* وَسَمِعَ
بِأُذُنِهِ مَا سَمِعَ مِنْ أَخْبَارِهِ
* وَمِنْ ذٰلِكَ مَا حَدَّثَهُ
بِهِ الرَّاهِبُ نَسْطُوْرَا
* وَهُوَ حَقٌّ لَيْسَ بِخُرَافَةٍ
وَلَا أُسْطُوْرَةٍ
* إِذْ قَالَ - ذٰلِكَ الرَّاهِبُ * وَقَدْ
رَأَى أَشْرَفَ الْحَبَائِبِ * نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ
هُنَاكَ * مَنْ هٰذَا الَّذِي يَفُوْقُ بَدْرَ اْلأَفْلَاكِ *فَقَالَ مَيْسَرَةُ
: هٰذَا رَجُلٌ مِنَ الْكِرَامِ * مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الْحَرَامِ * فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ وَهُوَ وَاثِقٌ مِمَّا يَقُوْلُ * مَا نَزَلَ تَحْتَ هٰذِهِ الشَّجَرَةِ اِلَّا نَبِيٌّ
أَوْ رَسُوْلٌ (١) * ثُمَّ
قَالَ لِمَيْسَرَةَ : أَفِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ لَا تُفَارِقُهُ
؟ * قَالَ :
نَعَمْ * قَالَ : هٰذَا آخِرُ نَبِيٍّ فَهَنِيْئًا لِمَنْ يُصَدِّقُهُ
* ثُمَّ فِي تِلْكَ اْلأَثْنَاءِ
*وَقَعَ بَيْنَ سَيِّدِ اْلأَنْبِيَاءِ
* وَرَجُلٍ كَانَ فِي تِلْكَ
اْلأَنْحَاءِ * خِلَافٌ فِي ثَمَنِ بَعْضِ الْمُشْتَرَيَاتِ *فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : اِحْلِفْ بِالْعُزَّى وَاللَّاتِ * كَمَا
يَجْرِي بَيْنَهُمْ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالَاتِ
* فَقَالَ سَيِّدُ السَّادَاتِ * وَاللهِ مَا حَلَفْتُ بِهِمَا
* وَاَنِّى لَأَمُرُّ فَأَعْرُضُ عَنْهُمَا
* فَقَالَ الرَّجُلُ : اَلْقَوْلُ قَوْلُكَ
*وَالرَّأْيُ عِنْدَكَ * ثُمَّ قَالَ لِمَيْسَرَةَ : هٰذَا وَاللهِ نَبِيٌّ تَشَرَّفْنَا بِهِ فِي سُوْقِنَا
* وَاَنَّهُ لَتَجِدُهُ أَحْبَارُنَا مَنْعُوْتًا فِي كُتُبِنَا
* وَمِنْ ذٰلِكَ أَنَّهُ كَانَ
يَرَى فِي كُلِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ الْقَصِيْرَةِ
* سَحَابَةً تُظَلِّلُهُ دُوْنَ الْجَمِيْعِ فِي وَقْتِ الظَّهِيْرَةِ
* وَقِيْلَ فِيْمَا رُوَى أَنَّهُ كَانَ يَرَى مَلَكَيْنِ * يُظَلِّلَانِ سَيِّدَ الْكَوْنَيْنِ *
*
* *
--------------------
١) أي ما نزل تحتها هذه الساعة الا نبي ولم يرد انه ما نزل تحتها )
قط الا نبي. كذا أفاده بعض علماء السيرة.
الّٰلهُمَّ انْشُرْ
نَفَحَاتَ الرِّضْوَانِ عَلَيْهَا # وَأَمِدَّنَا مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي
أَوْدَعْتَهَا لَدَيْهَا
الّٰلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى
زَوْجِهَا الْأَمِينْ # سَيِّدِنِا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينْ
وَلَمَّا أَتَمَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُهِمَّتَهُ
* وَبَاعَ
سِلْعَتَهُ * رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ اكْتَسَبَ خَيْرَاتٍ كَثِيْرَةٍ * وَجَاءَ بِأَرْ بَاحٍ وَفِيْرَةٍ * فَسُرَّتْ بِذٰلِكَ
السَّيِّدَةُ خَدِيْجَةُ أَيَّمَا سُرُوْرٍ * وَحَمِدَتْ فِعْلَهُ الْمَشْكُوْرَ * وَنَظَرَتْ إِلَيْهِ بِعَيْنِ اْلإِكْبَارِ
وَاْلإِحْتِرَامِ * وَأَكْرَمَتْهُ غَايَةَ اْلإِكْرَامِ
* وَتَأَثَّرَتْ
بِشَخْصِيَتُهُ كُلَّ التَّأْثِيْرِ
* فَأَكَنَّتْ لَهُ فِي نَفْسِهَا
عَظِيْمَ التَّقْدِيْرِ
* وَزَادَ ذٰلِكَ عِنْدَهَا بَعْدَ مَا حَدَّثَهَا مَيْسَرَةُ بِمَا شَاهَدَهُ مِنَ اْلآيَاتِ
* وَعَجَائِبِ
اْلأَحْوَالِ وَخَوَارِقِ الْعَادَاتِ * اَلَّتِي هِيَ لِلنُّبُوَّةِ دَلَائِلُ وَاضِحَاتٍ
* حَدَّثَهَا عَنِ السَّحَابَةِ الَّتِي صَحِبَتْهُ فِي سَفَرِهِ فَكَانَتْ نِعْمَ الصَّاحِبِ
* وَعَنْ
كَلَامِ ذٰلِكَ الرَّاهِبِ
* وَعَنْ طَاعَةِ اْلإِبِلِ وَطَيِّ
اْلأَرْضِ لَهُ * وَالتَّوْفِيْقِ الَّذِي لَازَمَهُ فِي سَفَرِهِ كُلَّ الْمُلَازَمَةِ
* وَتِلْكَ الرِّمَالِ وَالْحِجَارَةِ الَّتِي لَانَتْ تَحْتَ مَوَاطِئِ قَدَمَيْهِ * وَكُلُّ ذٰلِكَ وَعَاهُ بِقَلْبِهِ
وَرَآهُ بِعَيْنَيْهِ
* وَحَدَّثَهَا بِمَا رَآهُ مِنْ حُسْنِ سِيْرَتِهِ * فِي خُلُقِهِ وَمُعَامَلَتِهِ
* مَعَ مَا سَبَقَ لَهَا
مَعْرِفَتُهُ عَنْهُ مِنْ صِدْقِ حَدِيْثِهِ * وَعَظِيْمِ
أَمَانَتِهِ * وَكَرِيْمِ أَخْلَاقِهِ وَدِيَانَتِهِ
* فَأَصْبَحَتْ
هٰذِهِ الصِّفَاتُ وَاْلأَخْلَاقُ الْعَلِيَّةُ * مُثْبَتَةً مُتَيَقَّنَةً لَدَيْهَا جَلِيَّةً
* فَأَحَسَّتْ بِعَارِضٍ غَرِيْبٍ * عَنْ
صُوْرَةٍ وَحَقِيْقَةِ ذٰلِكَ الْحَبِيْبِ
* وَتَحَيَّرَتْ مِنْ أَمْرِ نَفْسِهَا * وَأَصْبَحَتْ قَلِقَةً بَيْنَ قَلْبِهَا
وَعَوَاطِفِهَا * فَقَدْ رَفَضَتْ بِالْأَمْسِ الْقَرِيْبِ الْكَثِيْرَ مِنَ الرِّجَالِ * مِنْ ذَوِي الْوَجَاهَةِ وَالْمَالِ *وَرَدَّتْهُمْ خَائِبِيْنَ مُتَحَسِّرِيْنَ
* لِرَفَضِهَا طَلَبَهُمْ الْمَتِيْنَ *
الّٰلهُمَّ انْشُرْ
نَفَحَاتَ الرِّضْوَانِ عَلَيْهَا # وَأَمِدَّنَا مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي
أَوْدَعْتَهَا لَدَيْهَا
الّٰلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى
زَوْجِهَا الْأَمِينْ # سَيِّدِنِا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينْ
وَلَمَّا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى لَهَا السَّعَادَةَ اْلأَبَدِيَّةَ *وَالشَّرَفَ وَالْفَضْلَ عَلَى نِسَاءِ الْبَرِيَّةِ * تَرَجَّحَ
عِنْدَهَا أَنْ لَا تُفَوِّتَ هٰذِهِ الْفُرْصَةَ الذَّهَبِيَّةَ *
وَاسْتَبَانَتْ خَدِيْجَةُ
أَنَّهُ الْكَنْزُ # الَّذِي حَاوَلَتْهُ وَالْكِيْمِيَاءُ
فَاخْتَارَتْ لِنَفْسِهَا الزَّكِيَّ
اْلأَمِيْنَ
* سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ أَجْمَعِيْنَ * وَمَنْ لَاحَتْ فِي
وَجْهِهِ عَلَامَاتُ النُّبُلِ وَالْجَمَالِ * وَتَكَامَلَتْ فِيْهِ خِصَالُ
الْكَمَالِ
وَالْجَلَالِ * وَبَدَتْ عَلَيْهِ
اَمَارَاتُ السِّيَادَةِ *وَظَهَرَتْ مِنْهُ
إِشَارَاتُ النَّجَابَةِ وَالْقِيَادَةِ * فَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَّا
أَنْ أَرْسَلَتْ
إِلَيْهِ * وَعَرَضَتْ نَفْسَهَا
عَلَيْهِ * فَخَطَبَتْ الرَّسُوْلَ اْلأَعْظَمَ *وَالنَّبِيَّ اْلأَكْرَمَ * صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ *وَقَالَتْ لَهُ : يَا
بْنَ الْعَمِّ
* إِنِّي قَدْ
رَغِبْتُ فِيْكَ لِقَرَابَتِكَ وَشَرَفِكَ
* وَسَامِيْ مَنْزِلَتِكَ وَقَدْرِكَ *وَفِي رِوَايَةٍ
(١) اَنَّهَا أَرْسَلَتْ لَهُ
نَفِيْسَة بِنْتَ
أُمَيَّة
دَسِيْسًا إِلَيْهِ فَقَالَتْ لَهُ : مَا
يَمْنَعُكَ أَنْ
تَتَزَوَّجَ
؟ فَقَالَ : مَا فِي يَدِي
شَيْءٌ * فَقَالَتْ لَهُ : فَإِنْ كُفِيْتَ وَدُعِيْتَ إِلَى الْمَالِ وَالْجَمَالِ وَالْكَفَاءَةِ ؟ قَالَ : وَمَنْ ؟ قَالَتْ لَهُ خَدِيْجَةُ * فَأَجَابَ :
وَرَأَتْهُ خَدِيْجَةُ وَالتُّقَى وَالزُّهْدُ
# فِيْهِ سَجِيَّةٌ وَالْحَيَاءُ
وَأَتَاهَا أَنَّ الْغَمَامَةَ وَالسَّرَحَ # أَظَلَّتْهُ مِنْهُمَا أَفْيَاءُ
وَأَحَادِيْثُ أَنَّ وَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ # بِالْبَعْثِ حَانَ مِنْهُ الْوَفَاءُ
فَدَعَتْهُ إِلَى الزِّوَاجِ وَمَا أَحْسَنَ # مَا يَبْلُغُ الْمُنَى اْلأَذْكِيَاءُ
--------------------
١) رواه الواقدي وهو الأليق والمناسب بحال المرأة وخصوصا كالسيدة خديجة.
وَقَدْ أَلْهَمَ اللهُ نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْمُوَافَقَةَ * فَكَانَتْ خَطْوَةً مُبَارَكَةً مُوَفَّقَةً *فَشَاوَرَ أَعْمَامَهُ الْكِرَامَ وَأَيَّدُوْهُ عَلَى ذٰلِكَ الْكَلَامِ
* فَتَقَدَّمَ حَمْزَةُ فَكَلَّمَ عَمَّهَا وَقِيْلَ أَبَاهَا وَالصَّحِيْحُ اَنَّ أَبَاهَا خُوَيْلِدَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ حَرْبِ الْفِجَارِ * ثُمَّ حَضَرَ رُؤُسَاءِ قُرَيْشٍ يَتَقَدَّمَهُمْ أَبُوْ طَالِبٍ
* فَكَانَ هُوَ لِسَانُ حَالِهِمْ الْمُتَكَلِّمُ الْخَاطِبُ * فَقَالَ : ((( اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي جَعَلَنَا مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيْمَ وَزَرْعِ إِسْمَاعِيْلَ وَضِئْضِئِ (ا) مَعَدٍ وَعُنْصُرِ مُضَرٍ وَجَعَلَنَا حَضَنَةَ بَيْتِهِ وَسُوَّاسَ
حَرَمِهِ * وَجَعَلَ لَنَا بَيْتًا مَحْجُوْجًا وَحَرَمًا آمِنًا * وَجَعَلَنَا الْحُكَّامَ عَلَى النَّاسِ
* ثُمَّ إِنَّ ابْنَ أَخِي
هٰذَا مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ لَا يُوْزَنُ بِهِ رَجُلٌ اِلَّا رَجَحَ بِهِ * فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ قَلَّ * فَإِنَّ الْمَالَ ظِلٌّ زَائِلٌ
* وَأَمْرٌ حَائِلٌ * وَمُحَمَّدٌ مَنْ قَدْ عَرَفْتُمْ
قَرَابَتَهُ * وَقَدْ خَطَبَ خَدِيْجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ *وَبَذَلَ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ مَا آجِلُهُ وَعَاجِلُهُ مِنْ مَالِي كَذَا، وَهُوَ وَاللهِ بَعْدَ هٰذَا لَهُ نَبَأٌ عَظِيْمٌ
*وَخَطْبٌ جَلِيْلٌ ))) *
ثُمَّ قَامَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ فَقَالِ : (((اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي جَعَلَنَا كَمَا ذَكَرْتَ * وَفَضَّلَنَا عَلَى مَا عَدَّدْتَ * فَنَحْنُ سَادَةُ الْعَرَبِ وَقَادَتُهَا
* وَأَنْتُمْ أَهْلُ ذٰلِكَ كُلِّهِ * لَا تُنْكِرُ الْعَشِيْرَةُ فَضْلَكُمْ *
وَلَا يَرُدُّ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ فَخْرَكُمْ وَشَرَفَكُمْ
* وَقَدْ رَغِبْنَا فِي اْلإِتِّصَالِ بِحَبْلِكُمْ * فَاشْهَدُوا عَلَيَّ يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ * بِأَنِّي قَدْ زَوَّجْتُ خَدِيْجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ * مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِيْنَارٍ))) *
ثُمَّ سَكَتَ ، فَقَالَ أَبُوْ طَالِبٍ
: قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَشْرَكَكَ عَمُّهَا * فَقَالَ عَمُّهَا :
اِشْهَدُوْا يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ * اَنِّى قَدْ أَنْكَحْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ خَدِيْجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ
* وَشَهِدَ عَلَى ذٰلِكَ صَنَادِيْد قُرَيْشٍ *
--------------------
١) أي أصل معد
الّٰلهُمَّ انْشُرْ
نَفَحَاتَ الرِّضْوَانِ عَلَيْهَا # وَأَمِدَّنَا مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي
أَوْدَعْتَهَا لَدَيْهَا
الّٰلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى
زَوْجِهَا الْأَمِينْ # سَيِّدِنِا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينْ
وَقَدْ جَاءَ فِي سِيْرَةِ ابْنِ هِشَامٍ * اَنَّهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ
* أَصْدَقَهَا عِشْرِيْنَ بَكْرَةً سَنِيَّةً * وَقِيْلَ اِثْنَا عَشَرَ أُوْقِيَةً مِنْ ذَهَبٍ وَنِصْفَ أُوْقِيَةٍ * وَكُلَّ هٰذَا لَا يُعَارِضُ مَا جَاءَ فِي
خُطْبَةِ وَرَقَةِ بْنِ نَوْفَلَ السَّابِقَةِ مِنْ أَنَّ الصَّدَاقَ
أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ إِذْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِتَقْوِيْمِ الثَّمَنِ بِذٰلِكَ أَوْ أَنَّ أَحَدَ اْلأَشْيَاءِ مَهْرٌ وَاْلآخَرُ هَدِيَّةٌ مِنْ عَمِّهِ أَبِى طَالِبٍ لِلسَّيِّدَةِ خَدِيْجَةَ أَوْ اَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ زَادَ ذٰلِكَ فِي صَدَاقِهَا
عَلَى صَدَاقِ عَمِّهِ فَكَانَ الْكُلُّ صَدَاقًا
* وَتَزَوَّجَ نَبِيُّنَا اْلأَمِيْنُ * سَيِّدَتَنَا أُمَّ الْمُؤْمِنِيْنَ *وَقَدْ أَتَمَّ خَمْسًا وَعِشْرِيْنَ
* وَأَتَمَّتْ هِيَ اْلأَرْبَعِيْنَ *
قَالَ صَاحِبُ قُرَّةِ اْلأَبْصَارِ
:
وَإِذْ إِلَى مَكَّةَ عَادَ وَافْتَتَحْ # سِتًّا وَعِشْرِيْنَ مِنَ الْعُمْرِ نَكَحْ
خَدِيْجَةَ مِنْ بَعْدِ أَرْبَعِيْنَا
# مَضَتْ لَهَا مِنْ عُمْرِهَا سِنِيْنَا
وَقَدْ نَحَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ جَزُوْرًا أَوْ جَزُوْرَيْنِ * وَقَرَّتْ بِذٰلِكَ مِنَ الْمُحِبِّيْنَ الْعَيْنُ *وَانْشَرَحَتْ مِنْهُمْ الصُّدُوْرُ * وَعَمَّ الْفَرَحُ
وَالسُّرُوْرُ * وَطَلَعَ سَعْدُ السُّعُوْدُ
* وَانْكَمَدَ
الْفُؤَادُ الْمَفْؤُودُ
* وَغَدَا الْحَسُوْدُ لَا يَسُوْدُ وَهُوَ مَهْمُوْمٌ * وَقَالَ أَبُوْ طَالِبِ : اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْكُرَبَ وَالْغُمُوْمَ
* وَقَالَ فِي ذٰلِكَ الرَّاجِزُ فِي قَوْلِهِ الْمَنْظُوْمُ
:
لَا تَزْهَدِي خَدِيْجُ فِي مُحَمَّدٍ # نَجْمٌ يُضِيْءُ كَإِضَاءِ الْفَرْقَدِ
وَلَمَّا تَزَوَّجَتْ خَدِيْجَةُ سَيِّدَ وَلَدِ عَدْنَانَ *كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ رَجُلَانِ
* وَهُمَا هِنْدٌ أَبُوْ هَالَةْ بِنْ زَارَرَةْ مِنْ بَنِي عَدِي * وَعَتِيقْ بِنْ
عَائِدْ بِنْ مَخْزُومْ الْقَرَشِيِّ * وَقَدْ اخْتَلَفُوْا فِي تَعْيِيْنِ الثَّانِي مِنَ اْلأَوَّلِ
* وَلَيْسَ فِي ذٰلِكَ نَصٌّ صَرِيْحٌ عَلَيْهِ يُعَوَّلُ * وَقَدْ كَانَ عِنْدَهَا مِنَ
الذُّرِّيَّةِ * مِنْ غَيْرِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ
* عَبْدُ مَنَافٍ وَهِنْدٌ وَهُمَا مِنْ زَوْجِهَا عَتِيْقٍ
* وَقِيْلَ إِنَّ هِنْدًا هٰذِهِ
أَسْلَمَتْ وَفَازَتْ بِالصُّحْبَةِ وَالتَّصْدِيْقِ *وَوَلَدَتْ لِأَبِي هَالَةَ وَلَدًا
* سَمَّوْهُ هِنْدًا * وَهُوَ
صَحَابِيٌّ جَلِيْلٌ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا
* وَقَدْ
رَوَى حَدِيْثًا مَشْهُوْرًا فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ
وَسَلَّمِ * وَقُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ مَعَ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ ذِي الْوَجْهِ الْمُكَرَّمِ
* وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَاتَ
بِالْبَصْرَةِ فِي الطَّاعُوْنِ
* وَكَانَ قَدْ مَاتَ فِي ذٰلِكَ الْيَوْمِ سَبْعُوْنَ أَلْفًا كُلُّهُمْ مُسْلِمُوْنَ
* فَشُغِلَ
النَّاسُ بِجَنَائِزِهِمْ وِتُرِكَتْ جَنَازَتُهُ
* وَلَمْ يُوْجَدْ مَنْ يَحْمِلُهَا فَصَاحَتْ نَادِبَتُهُ :
وَا هِنْدُ ابْنَ هِنْدَاهْ
* وَا رَبِيْبَ رَسُوْلِ الله
فَلَمْ تَبْقَ جَنَازَةٌ اِلَّا وَتُرِكَتْ * وَأَمَّا جَنَازَتُهُ فَحُمِلَتْ * وَازْدَحَمَ عَلَيْهَا النَّاسُ فَامْتَلَأَتْ بِهِمْ الْمَوَاضِعُ * وَمَا حُمِلَتْ اِلَّا عَلَى أَطْرَافِ اْلأَصَابِعِ *وَقَالَ بَعْضُهُمْ اِنَّ الَّذِي مَاتَ فِي الطَّاعُوْنِ ابْنُ هٰذَا الْمَذْكُوْرِ * وَيُسَمَّى بِهِنْدٍ أَيْضًا وَالْخِلَافُ
فِي ذٰلِكَ مَشْهُوْرٌ
* وَكَانَ فَصِيْحًا بَلِيْغًا وَصَّافًا
مُحْسِنًا * وَصَفَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَكَا نَ مُجِيْدًا مُتْقِنًا * وَكَانَ يَقُوْلُ : اَنَا أَكْرَمُ النَّاسِ أَبًا وَأُمًّا * وَأَخًا وَأُخْتًا * أَبِى
رَسُوْلُ اللهِ * وَأُمِّي الَّتِي عَنْهَا رَضِىَ اللهُ * وَأَخِي الْقَاسِمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ * وَأُخْتِي فَاطِمَةُ عَلَيْهَا الرَّحْمَةُ وَاْلإِكْرَامُ * وَلِخَدِيْجَةَ مِنْ أَبِى هَالَة اِبْنَانِ غَيْرُ هٰذَا الْمَذْكُوْرِ
* أَحَدُهُمَا الطَّاهِرُ وَاْلآخَرُ هَالَةْ وَاْلأَوَّلُ غَيُرْ مَشْهُوْرٍ
*
قَدْ كَانَ لَهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مَوَاقِفُ مَعَ زَوْجِهَا مَشْكُوْرَةٍ
* فَلَا تُذْكَرُ قِصَّةُ الْوَحْيِ
وَالْبِعْثَةِ اِلَّا وَهِيَ مَعَهَا مَذْكُوْرَةٌ
* وَسَنَذْكُرُ
مَسْأَلَةَ الْوَحْيِ مِنْ أَوَّلِهَا * لِنَعْرِفَ مِقْدَارَ هٰذِهِ السَّيِّدَةِ وَفَضْلِهَا *
فَاعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنَ النُّبُوَّةِ الَّتِي تَفَضَّلَ بِهَا عَلَيْهِ مَوْلَاهُ * اَنَّهُ
كَانَ لَا يَمُرُّ بِشَجَرٍ وَلَا حَجَرٍ اِلَّا قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ
* وَغَيْرُ ذٰلِكَ مِنَ اْلإِرْهَاصَاتِ الَّتِي أَشْهَرُهَا الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ * فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَى رُؤْيًا فِي نَوْمِهِ اِلَّا وَكَانَتْ لَا مَحَالَةَ وَاقِعَةً * وَحَبَّبَ اللهُ إِلَيْهِ الْخَلْوَةَ
* فَلَمْ
يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَخْلُوَ وَحْدَهُ * فَكَانَ
يُجَاوِرُ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ شَهْرًا فِي حِرَاءٍ * مُشْتَغِلًا
بِالْعِبَادَةِ وَالتَّفَكُّرِ فِي مَلَكُوْتِ اْلأَرْضِ وَالسَّمَاءِ *وَكَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى حِرَاءٍ تَتَكَفَّلُ خَدِيْجَةُ بِكُلِّ
حَاجَاتِهِ * وَتُحَقِّقُ لَهُ كَافَّةَ رَغَبَاتِهِ
* وَتُهَيِّئُ
لَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ
* وَتُيَسِّرُ لَهُ مَا تَسْتَطِيْعُ
مِنَ اْلأَسْبَابِ
* فَيَنْقَطِعُ لِمَقْصُوْدِهِ * وَيُقْبِلُ عَلَى مَعْبُوْدِهِ * وَهُوَ مُرْتَاحُ الْبَالِ * مِنْ كُلِّ الْمُتَعَلِّقَاتِ
وَاْلإِشْغَالِ * فَإِذَا طَالَتْ غَيْبَتُهُ عَلَيْهَا
* تَرَكَتْ
كُلَّ مَا لَدَيْهَا
* وَخَرَجَتْ تَتَلَمَّسُهُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تَعَوَّدَ الذَّهَابِ إِلَيْهِ
* وَقَلْبُهَا يَخْفِقُ مِنْ شِدَّةِ
خَوْفِهَا عَلَيْهِ * حَتَّى إِذَا رَأَتْهُ مُسْتَغْرِقًا فِي وَحْدَتِهِ * مُنْجَمِعًا عَلَى فِكْرَتِهِ * رَجَعَتْ وَلَمْ تُكَلِّمْهُ لِئَلَّا تَقْطَعَهُ عَنْ خَلْوَتِهِ * وَتَبْقَى مُنْتَظِرَةً مَوْعِدَ عَوْدَتِهِ
* لِتَعْمَلَ جَاهِدَةً عَلَى إِزَالَةِ
وَحْشَتِهِ * وَإِدْخَالِ السُّرُوْرِ إِلَى قَلْبِهِ
* وَالسَّعَادَةِ إِلَى نَفْسِهِ *
الّٰلهُمَّ انْشُرْ
نَفَحَاتَ الرِّضْوَانِ عَلَيْهَا # وَأَمِدَّنَا مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي
أَوْدَعْتَهَا لَدَيْهَا
الّٰلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى
زَوْجِهَا الْأَمِينْ # سَيِّدِنِا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينْ
وَلَقَدْ كَانَتْ خَدِيْجَةُ صَادِقَةَ الْفِرَاسَةِ *صَائِبَةَ النَّظْرَةِ * صَافِيَةَ الْفِكْرَةِ * وَكَانَتْ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ أَنَّ رَجُلًا كَزَوْجِهَا مُحَمَّدٍ اْلأَمِيْنِ
* يَحْمِلُ
هٰذِهِ الرّوْحَ الْعَالِيَةَ
* وَالنَّفْسَ السَّامِيَةَ *وَالْفَضَائِلَ الَّتِي مَا عَرَفَتْهَا قُرَيْشٌ بِأَسْرِهَا * يُضَافُ إِلَى
مَا نَقَلَهُ إِلَيْهَا عَبْدُهَا * مِمَّا سَبَقَ ذِكْرُهُ وَتَقَدَّمَ نَشْرُهُ * كَانَتْ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ أَنَّهُ سَيَكُوْنُ لَهُ شَأْنٌ عَظِيْمٌ * يَتَحَدَّثُ عَنْهُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيْمُ
* وَسَيُحْبِثُ فِي التَّارِيْخِ أَمْرًا * تَهْتَزُّ لَهُ الدُّنْيَا عُجْبًا وَتِيْهًا وَفَخْرًا * فَمَا أَجَلَّ عَيْنَهَا الصَّادِقَةَ الْحَنُوْنَةَ * الَّتِي تَرْعَاهُ فِي حُبٍّ وَتُبَاشِرُ شُؤُوْنَهُ * وَمَا أَعْظَمَ قَلْبَهَا الْعَطُوْفَ الَّذِي يُزَوِّدُهُ بِالرِّعَايَةِ
* وَيَخْفِقُ لَهُ فَرِحًا مُنْتَظِرًا
يَوْمَهُ الَّذِي تُنْصَبُ لَهُ فِيْهِ الرَّايَةُ
* وَيُنْشَرُ لَهُ مَرْسُوْمُ دَائِرَةِ الْوِلَايَةِ
*
وَمَرَّتْ اْلأَيَّامُ * عَلَى هٰذَا النِّظَامِ * فَمَا أَكْمَلَ اْلأَرْبَعِيْنَ عَلَى التَّمَامِ * حَتَى جَاءَ الْيَوْمُ الَّذِي هَيَّأَتْهُ الْقُدْرَةُ الرَّبَّانِيَّةُ * لِإِبْلَاغِهِ الرِّسَالَةَ السَّمَاوِيَةَ * وَهُوَ فِي وَحْدَتِهِ التَّعَبُّدِيَّةِ * بَعْدَ أَنْ مُهِدَتْ مِنْ قَبْلُ اْلأَسْبَابُ * وَتَفَتَّحَتْ لِذٰلِكَ اْلأَبْوَابُ * فَأَتَاهُ فِي ذٰلِكَ الْمَقَامِ * فِي الْيَقْظَةِ لَا فِي الْمَنَامِ * رَسُوْلُ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ * وَقَالَ لَهُ : اِقْرَأْ ، فَقَالَ : مَا اَنَا بِقَارِئٍ وَلَسْتُ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرَّاءِ * فَأَخَذَهُ فَغَطَّهُ وَمَا تَرَكَهُ حَتَّى بَلَغَ غَايَةَ الْجُهْدِ وَالْعِيَاءِ * ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْقِرَاءَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً فَامْتَنَعَ * فَأَخَذَهُ وَغَطَّهُ وَمَا تَرَكَهُ اِلَّا بَعْدَ مَا كَادَ يَقَعُ *وَفِي الثَّالِثَةِ قَالَ لَهُ : اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ اْلإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اِقْرَأْ وَرَبُّكَ اْلأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ اْلإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * فَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ بِشَارَةٍ أَوْصَلَتْهَا يَدُ اْلإِحْسَانِ * مِنْ حَضْرَةِ اْلإِمْتِنَانِ * إِلَى هٰذَا اْلإِنْسَانِ * وَأَيَّدَتْهَا بِبِشَارَةٍ (الرَّحْمٰنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ اْلإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)
وَلَا شَكَّ اَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمَقْصُوْدُ بِهٰذَا التَّعْلِيْمِ
* مِنْ حَضْرَةِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيْمِ
* فَرَجَعَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى زَوْجَتِهِ *
بَعْدَ أَنْ شَهِدَ مَشْهَدَ كَرَامَتِهِ
* وَفُؤَادُهُ يَرْجُفُ مِنْ هَوْلِ مَا رَآهُ * وَشِدَّةِ مَا سَمِعَهُ وَقَرَأَهُ
*وَلَقَدْ كَادَ يَنْخَلِعُ لَوْلَا تَثْبِيْتُ مَوْلَاهُ * وَقَالَ
: زَمِّلُوْنِي زَمِّلُوْنِي فَزَمَّلَتْهُ * فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ وَحَدَّثَهَا * قَالَ لَهَا : لَقَدْ خَشِيْتُ عَلَى
نَفْسِي * فِدَاهُ أَبِى وَأُمِّي وَنَفْسِي
* فَقَالَتْ
: كَلَّا ، وَاللهِ لَا يُخْزِيْكَ اللهُ أَبَدًا * وَاِنَّ اللهَ سَيَكْتُبُ لَكَ
عِزًّا وَمَجْدًا وَسُؤْدُدًا
* فَرَحِمُكَ مَوْصُوْلَةٌ *وَيَدُكَ لِضَيْفِكَ مَبْذُوْلَةٌ
* تَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُوْمَ
* وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِيْنُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ كُلَّ مَكْلُوْمٍ
* وْأَثْبِتْ يَا ابْنَ الْعَمِّ فَلَكَ الْبُشْرَى * فَوَ اللهِ لَقَدْ كُنْتُ اَعْلَمُ أَنَّ اللهَ
لَا يَفْعَلُ بِكَ اِلَّا خَيْرًا * وَاِنِّى اَشْهَدُ اَنَّكَ نّبِيُّ
هٰذِهِ اْلأُمَّةِ الْمُنْتَظِرِ
* وَهٰذَا زَمَانُكَ إِنْ شَاءَ اللهُ قَدْ حَضَرَ * وَقَدْ أَخْبَرَنِي نَاصِحٌ غُلَامِي وَبَحِيْرَى الرَّاهِبُ بِخَبَرِكَ الْمُبِيْنِ * وَأَمَرَنِي اَنْ أَتَزَوَّجَكَ قَبْلَ عِشْرِيْنَ مِنَ السِّنِيْنَ
*
ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ
إِلَى وَرَقَةَ
بْنِ نَوْفَل
وَأَخْبَرَتْهُ
بِالتَّفْصِيْلِ * فَقَالَ لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ
صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : حَدَّثَنِي بِفَمِكَ أَيُّهَا
السَّيِّدُ النَّبِيْلُ * فَأَخَذَ يُحَدِّثُهُ
بِمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ
مِنْ سَيِّدِنَا
جِبْرِيْلَ * فَقَالَ وَرَقَةُ : هٰذَا
وَاللهِ النَّامُوْسُ الْجَلِيْلُ * الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ
عَلَى مُوْسَى
رَسُوْلِ بَنِي
إِسْرَائِيْلَ
* يَا
لَيْتَنِي أَكُوْنُ
حَاضِرًا * وَمُؤَيِّدًا لِدَعْوَتِكَ
وَنَاصِرًا * وَفِي رِوَايَةٍ
اَنَّ السَّيِّدَةَ خَدِيْجَةَ
قَالَتْ
لِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
فِي أَوَّلِ
أَمْرِهِ * إِذَا جَاءَ صَاحِبُكَ بِالْوَحْيِ فَأَخْبِرْنِي بِخَبَرِهِ
* فَلَمَّا جَاءَهُ
أَخْبَرَهَا
فَقَالَتْ: اِجْلِسْ عَلَى
شِقِّي اْلأَيْمَنِ فَجَلَسَ فَقَالَتْ : أَتَرَاهُ
اْلآنَ ؟ قَالَ : نَعَمَ . قَالَتْ : فَتَحَوَّلْ فَاجْلِسْ
فِي حِجْرِي
، فَتَحَوَّلَ فَجَلَسَ
فِي حِجْرِهَا فَقَالَتْ : هَلْ
تَرَاهُ اْلآنَ ؟ قَالَ : نَعَمْ
فَرَفَعَتْ
خِمَارَهَا عَنْ رَأْسِهَا
وَقَالَتْ : هَلْ
تَرَاهُ اْلآنَ ؟
قَالَ : لَا
فَقَالَتْ : مَا
هٰذَا بِشَيْطَانٍ * هٰذَا مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمٰنِ *
وَأَتَاهُ فِي بَيْتِهَا جَبْرَائِيْلُ # وَلِذِي اللُّبِّ فِي اْلأُمُوْرِ ارْتِيَاءُ
فَأَمَاطَتْ عَنْهَا الْخِمَارَ لِتَدْرِي # أَهُوَ الْوَحْيُ أَمْ هُوَ اْلإِغْمَاءُ
فَاخْتَفَى عِنْدَ كَشْفِهَا الرَّأْسَ جِبْرِيْلُ # فَمَا عَادَ أَوْ أُعِيْدَ الْغِطَاءُ
وَكَانَتْ تَفْعَلُ
ذٰلِكَ اِحْتِيَاطًا لِدِيْنِهَا، وَزِيَادَةً فِي يَقِيْنِهَا * اَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ
فَقَدْ كَانَ
وَاثِقًا بِذٰلِكَ الْخِطَابِ
* دُوْنَ شَكٍّ
أَوْ تَرَدُّدٍ
وَارْتِيَابٍ *
الّٰلهُمَّ انْشُرْ
نَفَحَاتَ الرِّضْوَانِ عَلَيْهَا # وَأَمِدَّنَا مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي
أَوْدَعْتَهَا لَدَيْهَا
الّٰلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى
زَوْجِهَا الْأَمِينْ # سَيِّدِنِا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينْ
وَفِي تِلْكَ
اللَّحْظَةِ الْكَرِيْمَةِ * سَعِدَتْ الدُّنْيَا
بِالرِّسَالَةِ الْعَظِيْمَةِ * وَمِنْ ذٰلِكَ الْجَبَلِ الْمَشْهُوْدِ * فِي ذٰلِكَ الْيَوْمِ
الْمَوْعُوْدِ * طَلَعَتْ شَمْسُ الْوُجُوْدِ * فَأَفَاضَتْ نُوْرًا
جَدِيْدًا * وَاسْتَقْبَلَ الْعَالَمُ
صَبَاحًا سَعِيْدًا
* لَقَدْ كَانَ هٰذَا الْعَالَمُ
يَسْتَقْبِلُ كُلَّ
يَوْمٍ صَبَاحًا
* وَلَكِنَّهُ
لَا يَرَى فِيْهِ
لِلْأُمَّةِ خَيْرًا
وَلَا فَلَاحًا
* وَمَا أَكْثَرَ النَّهَارَ الْمُظْلِمَ * وَالصُّبْحَ الْكَاذِبَ الْمُعْتِمَ
* لَكِنْ
مِنْ هٰذَا الْمَكَانِ الْمُتَوَاضِعِ * وَعَلَى ذٰلِكَ الْجَبَلِ الرَّاسِخِ
* الَّذِي لَيْسَ بِمُخْصِبٍ وَلَا شَامِخٍ * تَمَّ مَا لَمْ يَتِمَّ فِي عَوَاصِمِ الْعَالَمِ الْكَبِيْرَةِ بِمَدَنِيَاتِهِ وَحَضَارَاتِهِ الشَّهِيْرَةِ
* وَمَدَارِسِهِ
الْفَخْمَةِ * وَمَكْتَبَاتِهِ الضَّخْمَةِ * إِذْ مِنَ اللهِ عَلَى
هٰذِهِ اْلأُمَّةِ * بِرِسَالَةِ مُحَمِّدٍ الَّذِي كَشَفَ عَنْهَا الْغُمَّةَ * وَجَلَّى الظُّلْمَةَ * فَطَلَعَ الصُّبْحُ الْمُشْرِقُ الصَّادِقُ * وَاسْتَيْقَظَ فِيْهِ الْكَوْنُ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي غَفْلَتِهِ غَارِقٌ * وَتَعَرَّفَ عَلَى الْمِفْتَاحِ النَّبَوِيِّ * الَّذِي يَفْتَحُ كُلَّ عَقْلٍ مُلْتَوِى
* فَظَهَرَتْ لَهُ شَنَاعَةُ الشِّرْكِ وَالْوَثَنِيَّةِ
* وَالْخُرَافَاتِ وَاْلأَوْهَامِ الْجَاهِلِيَّةِ * فَتَهَذَّبَتْ تِلْكَ الْقُوَى الْجَامِحَةُ كُلَّ التَّهْذِيْبِ * وَانْصَقَلَتْ تِلْكَ الْمَوَاهِبُ الضَّائِعَةُ بِهَدْىِ الْحَبِيْبِ * وَتَقَلَّبَتْ بَيْنَ مَقَامَيِ التَّرْغِيْبِ
وَالتَّرْهِيْبِ * فَتَدَفَّقَتْ كَالسَّيْلِ وَاشْتَعَلَتْ كَاللَّهِيْبِ
* حَتَّى كَانَ رَاعِى اْلإِبِلِ رَاعِىَ اْلأُمَمِ * وَخَلِيْفَةً يَحْكُمُ الْعَالَمُ وَإِلَيْهِ يُحْتَكَمُ * وَأَصْبَحَ فَارِسَ الْقَبِيْلَةِ وَالْبَلَدِ
* فَاتِحَ الدُّوَلِ ذَاتَ الْمَجْدِ
وَالْعَدَدِ * فَكَثُرَ الْعَدْلُ وَانْتَشَرَ النُّوْرُ * وَقَلَّ
الْجَدَلُ وَفُقِدَتْ شَهَادَةُ الزُّوْرِ * وَتَبَدَّلَتْ
اْلأَحْوَالُ * إِلَى أَحْسَنِ حَالٍ * فَالتَّاجٍرُ أَمِيْنٌ صَدُوْقٌ * وَالْغَنِيُّ سَخِيٌّ مَرْزُوْقٌ * وَالْفَقِيْرُ
شَرِيْفٌ كَادِحٌ * وَالْعَامِلُ مُجْتَهِدٌ نَاصِحٌ * وَالرَّئِيْسُ مُتَوَاضِعٌ رَحِيْمٌ * وَالْخَازِنُ حَفِيْظٌ عَلِيْمٌ وَالْقَاضِي عَادِلٌ فَهِيْمٌ * فَظَهَرَ فِي ذٰلِكَ الْمُجْتَمَعِ صِدْقُ التَّاجِرِ وَأَمَانَتِهِ
* وَتَعَفُّفٌ الْفَقِيْرِ وَكَدْحُهُ * وَاجْتِهَادُ الْعَامِلِ وَنُصْحُهُ * وَسَخَاوَةُ
الْغَنِىِّ وَمُوَاسَاتُهُ
* وَعَدْلُ الْقَاضِي وَحِكْمَتُهُ * وَاِخْلَاصُ الْوَالِي وَشَفَقَتُهُ
* وَتَوَاضُعُ الرَّئِيْسِ وَرَحْمَتُهُ * وَقُوَّةُ الْخَادِمِ وَحِرَاسَتُهُ
* فَكَانَتْ
تِلْكَ الْبِعْثَةُ لِلْعَالَمِ رَبِيْعًا * وَلِلْإِنْسَانِيَّةِ خِصْبًا وَرِيْعًا *
وَقَدْ اخْتَصَّ اللهُ هٰذِهِ الْجَوْهَرَةَ الْمَصُوْنَةَ * وَالدُّرَّةَ الْمَكْنُوْنَةَ * بِمَزَايَا عَدِيْدَةٍ وَخِصَالٍ حَمِيْدَةٍ *
فَمِنْهَا اَنَّهَا هِيَ
الَّتِي طَلَبَتْهُ
* وَإِلَى الزِّوَاجِ بِهَا دَعَتْهُ
* وَاَنَّهَا أَوَّلُ
امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا * وَوَلِيْمَتُهَا
أَوَّلُ وَلِيْمَةٍ
يَصْنَعُهَا * وَعَاشَتْ مَعَهُ
بَقِيَّةَ عُمْرِهَا * وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِغَيْرِهَا * حَتَّى مَاتَتْ
بَعْدَ أَنْ رَأَى
خَالِصَ بِرِّهَا
* وَدَفَنَهَا بِمَكَّةَ
وَنَزَلَ
هُوَ بِنَفْسِهِ فِي
قَبْرِهَا
* وَقَدْ عَاشَرَتْهُ أَرْبَعًا وَعِشْرِيْنَ سَنَةً
أَحْسَنَ عِشْرَةٍ
* وَرَافَقَتْهُ أَفْضَلَ رُفْقَةٍ * وَآلَفَتْهُ أَعْظَمَ أُلْفَةٍ
* وَصَادَقَتْهُ أَوْفَي مَحَبَّةٍ * وَكَانَتْ لَا تَرَى
مِنْهُ مَيْلًا
إِلَى شَيْئٍ اِلَّا بَادَرَتْ
بِهِ
إِلَيْهِ * وَقَدَّمَتْهُ هَدِيَّةً بَيْنَ
يَدَيْهِ
* وَقَدْ رَأَتْ مِنْهُ
قَبْلَ الْبِعْثَةِ النَّبَوِيَّةِ * رَغْبَةً فِي
مَوْلَاهَا زَيْدِ بْنِ
حَارِثَةٍ قَوِيَّةٍ
* فَمَا كَانَ
مِنْهَا اِلَّا أَنْ وَهَبَتْهُ
لَهُ بِنَفْسٍ
رَاضِيَةٍ سَخِيَّةٍ * فَكَانَ إِلَى حَضْرَتِهِ مِنَ
الْمَنْسُوْبِيْنَ، وَكُتِبَ
فِي دِيْوَانِ الْمَسْعُوْدِيْنَ * وَفَازَ بِالْأَوْلَوِيَّةِ مَعَ
السَّابِقِيْنَ * وَتَشَرَّفَ
بِمَحْبُوْبِيَّةِ سَيِّدِ
الْمُرْسَلِيْنُ *
الّٰلهُمَّ انْشُرْ
نَفَحَاتَ الرِّضْوَانِ عَلَيْهَا # وَأَمِدَّنَا مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي
أَوْدَعْتَهَا لَدَيْهَا
الّٰلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى
زَوْجِهَا الْأَمِينْ # سَيِّدِنِا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينْ
وَمِنْ خَصَائِصِهَا الَّتِي
نَالَتْ بِهَا
أَعْلَى مَرَاتِبِ الشَّرَفِ وَالْكَمَالِ * اَنَّهَا أَوَّلُ مَنْ
آمَنَ بِهِ
مِنَ
النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ * فَصَدَّقَتْهُ وَآزَرَتْهُ * وَأَعَانَتْهُ وَثَبَّتَتْهُ * وَخَفَّفَ
اللهُ بِسَبَبِ
اِيْمَانِهَا عَنْ
نَبِيِّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
كُلَّ هَمٍّ * وَفَرَّجَ عَنْهُ مَا
أَصَابَهُ فِي
الدَّعْوَةِ مِنْ
تَعَبٍ وَنَكَدٍ
وَغَمٍّ * فَكَانَ
لَا يَسْمَعُ
شَيْئًا مِنْ
زُمْرَةِ اْلإِلْحَادِ * مِنْ تَكْذِيْبٍ وَجُحُوْدٍ وَعِنَادٍ
* وَيَرْجِعُ إِلَى
خَدِيْجَةَ اِلَّا وَيَجِدُ عِنْدَهَا
كُلَّ هُدًى
وَسَدَادٍ * فَتُهَوِّنُ عَلَيْهِ
الرَّزَايَا وَتُوَاسِيْهِ * وَتَبْعَثُ الطُّمَأْنِيْنَةَ إِلَى نَفْسِهِ وَتُسَلِّيْهِ * وَتَمْنَحُهُ الْعَطْفَ وَتُبَشِّرُهُ بِمَا سَوْفَ تَرَاهُ
فِيْهِ * وَتَشْجَعُهَ وَتُؤَيِّدُهُ وَبِكُلِّ
خَيْرٍ
تُمَنِّيْهِ *
وَقَدْ ثَبَتَ
اَنَّهَا رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا
صَلَّتْ مَعَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ * وَتَشَرَّفَتْ بِمَنْقَبَةِ
الْوُضُوْءِ وَاسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ
الْحَرَامِ
* وَكَانَ جِبْرِيْلُ قَدْ
عَلَّمَ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ
وَآلِهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الصَّلَاةَ
* قَبْلَ أَنْ
تُفْرَضَ الْخَمْسُ الصَّلَوَاتِ لَيْلَةَ
الْمُنَاجَاةِ * وَكَانَ يُصَلِّى صَلَاتَيْنِ مَرَّةً فِي
الْعَشِيَّةِ وَمَرَّةً
فَي الْغَدَاةِ *
وَقَدْ رُوِىَ
عَنْ يَحْيَى
بْنِ عَفِيْفٍ (عَنْ أَبِيْهِ) اَنَّهُ
قَالَ : جِئْتُ
زَمَنَ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى
مَكَّةَ فَقَدِمْتُ
مِنًى أَيَّامَ الْحَجِّ وَنَزَلْتُ
عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمَّا طَلَعَتْ الشَّمْسُ
خَرَجَ رَجُلٌ
مِنْ خِبَاءٍ
قَرِيْبٍ
مِنَّا * فَاسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَقَامَ
يُصَلِّى * فَلَمْ يَلْبَثْ حَتَّى جَاءَ
غَلَامٌ فَقَامَ
عَنْ يَمِيْنِهِ
* فَلَمْ
يَلْبَثْ حَتَّى جَاءَتْ
فَقَامَتْ خَلْفَهُمَا * فَرَكَعَ الرَّجُلُ * فَرَكَعَ الْغُلَامُ
وَالْمَرْأَةُ * فَرَفَعَ، فَرَفَعَا
فَسَجَدَ فَسَجَدَا فَقُلْتُ : يَا
عَبَّاسٍ أَمْرٌ
عَظِيْمٌ * فَقَالَ : أَمْرٌ عَظِيْمٌ
* أَتَدْرِي مَنْ
هٰذَا
؟ قُلْتُ : لَا
* فَقَالَ
: هٰذَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ
ابْنِ أَخِي
* أَتَدْرِي مَنْ
الْغُلَامُ
؟ قُلْتُ : لَا * قَالَ : هٰذَا
عَلِيُّ
بْنُ أَبِي طَالِبٍ
* أَتَدْرِي مَنْ
هٰذِهِ الْمَرْأَةُ ؟ قُلْتُ : لَا * فَقَالَ : هٰذِهِ خَدِيْجَةُ
بِنْتُ خُوَيْلِدٍ
زَوْجَةُ
ابْنُ أَخِي *
وَهٰذَا حَدَّثَنِي
اَنَّ رَبَّكَ
رَبُّ السَّمَاءِ
وْاْلأَرْضِ
أَمَرَهُمْ بِهٰذَا الَّذِي
تَرَاهُمْ عَلَيْهِ
وَأَيْمُ اللهِ مَا
أَعْلَمُ عَلَى
ظَهْرِ اْلأَرْضِ
كُلِّهَا أَحَدًا
عَلَى هٰذَا الدِّيْنِ غَيْرَ
هٰؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ * قَالَ عَفِيْفٌ الرَّاوِي : فَلَيْتَنِي كُنْتُ
آمَنْتُ يَوْمَئِذٍ
فَكُنْتُ أَكُوْنُ
رَابِعًا *
الّٰلهُمَّ انْشُرْ
نَفَحَاتَ الرِّضْوَانِ عَلَيْهَا # وَأَمِدَّنَا مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي
أَوْدَعْتَهَا لَدَيْهَا
الّٰلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى
زَوْجِهَا الْأَمِينْ # سَيِّدِنِا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينْ
وَمِنْ خَصَائِصِهَا عَلَيْهَا
الرَّحْمَةُ وَاْلإِكْرَامُ * أَنَّهَا أَفْضَلُ
نِسَاءِ الْمُصْطَفَى بِالتَّمَامِ * كَمَا جَاءَ
فِي الْحَدِيْثِ عَنْ
سَيِّدِ اْلأَنَامِ
* اَنَّهُ قَالَ : سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِيْنَ مَرْيَمُ
ثُمَّ فَاطِمَةُ
ثُمَّ خَدِيْجَةُ
ثُمَّ
آسِيَةُ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ * وَفِي
رِوَايَةٍ عَنْ
أَنَسٍ
مَرْفُوْعَةٍ : حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ
الْعَالَمِيْنَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ
وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ
خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ
وَآسِيَةُ * وَهُوَ حَدِيْثٌ
ثَابِتٌ بِلَا مِرَاءٍ * وَقَدْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ أَجِلَّةُ
الْعُلَمَاءِ ١
--------------------
١) أخرجه أحمد والترمذي وصححه.
)
وَفِي رِوَايَةٍ
صَحِيْحَةٍ ثَابِتَةٍ
لَا يَشُكُّ
فِيْهَا
اِثْنَانِ * اَنَّهُ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : خَيْرُ نِسَائِهَا
مَرْيَمُ وَخَيْرُ
نِسَائِهَا خَدِيْجَةُ وَقَدْ رَوَى
هٰذَا الشَّيْخَانِ *
وَاْلأَحَادِيْثُ فِي
هٰذَا الْبَابِ
كَثِيْرَةٌ * وَهِيَ مَعْرُوْفَةٌ فِي أُصُوْلِ
كُتُبِ أَهْلِ
السُّنَّةِ
الشَّهِيْرَةِ * وَكُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ فِى مَجْمُوْعِهَا
بِيَقِيْنٍ * عَلَى أَنَّ
مَرْيَمَ وَخَدِيْجَةَ وَفَاطِمَةَ وَآسِيَةَ
هُنَّ
أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمْيِنَ * رَضِىَ اللهُ تَعَالَى
عَنْهُنَّ
أَجْمَعِيْنَ * وَالْخِلَافُ بَيْنَ
الْعُلَمَاءِ فِي
تَعْيِيْنِ
أُوْلَاهُنَّ * وَالْمُوَازَنَةِ فِي
اْلأَفْضَلِيَّةِ بَيْنَهُنَّ * وَقَدْ اجْتَهَدَ بَعْضُهُمْ فِى تَعْيِيْنِ وَاحِدَةٍ
* وَتَكَلَّفَ
التَّأْوِيْلَ وَالْجَمْعَ وَلَا
أَرَى فِي
ذٰلِكَ فَائِدَةً *
* * *
وَمِنْ خَصَائِصِهَا الشَّرِيْفَةِ * وَمَنَاقِبِهَا الْمُنِيْفَةِ
* أَنَّ كُلَّ
أَوْلَادِهِ عَلَيْهِ
السَّلَامُ مِنْهَا
* اِلَّا
سَيِّدَنَا إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ
السَّلَامُ فَلَمْ
يَتَكَوَّنْ
عَنْهَا * بَلْ عَنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ
* الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ مُقَوْقِسُ مِصْرَ وَاْلإِسْكَنْدَرِيَّةُ * وَقَدْ وَلَدَتْ لِخَيْرِ الْبَرِيَّةِ *
سِتَّةً مِنَ الذُّرِّيَّةِ
*
اَلْأَوَّلُ
: الْقَاسِمُ، وَهُوَ أَكْبَرُ اْلأَوْلَادِ * وَبِهِ
كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وِسَلَّمَ يَتَكَنَّى بَيْنَ الْعِبَادِ * وَهُوَ
أَوَّلُ مَنْ مَاتَ مِنْ وَلَدِهِ * وَدُفِنَ فِي بَعْضِ اْلأَقْوَالِ بِمَكَّةَ بَلَدَهِ *
والثاني
: عَبْدُ اللهِ، وَيُقَالُ لَهُ الطَّاهِرُ وَالطَّيِّبُ
لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي اْلإِسْلَامِ * وَمَاتَ صَغِيْرًا بِالْبَلَدِ الْحَرَامِ *
وَالثَّالِثَةُ
: زَيْنَبُ وَهِيَ أَكْبَرُ بَنَاتِهِ وَقَدْ وُلِدَتْ قَبْلَ بِعْثَتِهِ * وَتَزَوَّجَهَا أَبُوْ الْعَاصِ بْنُ
الرَّبِيْعِ وَكَانَ اِسْلَامُهَا وَهِجْرَتُهَا قَبْلَ اِسْلَامِهِ
وَهِجْرَتِهِ * وَتُوُفِّيَتْ فِي أَوَّلِ عَامِ ثَمَانِيَةٍ مِنْ هِجْرَةِ الْمُصْطَفَى * وَدُفِنَتْ فِي جَنَّةِ الْبَقِيْعِ
وَقَبْرُهَا هُنَاكَ لَا يَخْفَى *
وَالرَّابِعَةُ
: رُقَيَّةُ *
وَالْخَامِسَةُ
: أُمُّ كُلْثُوْمٍ * وَقَدْ
كَانَتَا تَحْتَ وَلَدَيْ أَبِي لَهَبٍ * الشَّقِيِّ الْمَحْرُوْمِ * فَلَمَّا نَزَلَتْ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ * غَضِبَ أَبُوْهُمَا أَشَدَّ الْغَضَبِ * وَقَالَ لِوَلَدَيْهِ : رَأْسِي مِنْ
رَأْسِكُمَا حَرَامٌ * اِنْ لَمْ تُفَارِقَا اِبْنَتَيْ مُحَمَّدٍ صَاحِبَ هٰذَا الْكَلَامِ
* يَقْصِدُ
بِذٰلِكَ اِيْذَاءَهُ عَلَيِهِ الصَّلَاُة وَالسَّلَامُ
* فَفَارِقَاهُمَا قَبْلَ الدُّخُوْلِ عَلَيْهِمَا
* وَلَمْ يِصِلَا بِفَضْلِ اللهِ
إِلَيْهِمَا * وَقَدْ تَزَوَّجَتْ رَقَيَّةُ بِسَيِّدِنَا عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ * وَهَاجَرَتْ مَعَهُ إِلَى الْحَبَشَةِ فِرَارًا بِالْإِيْمَانِ * ثُمَّ رَجَعَتْ وَهَاجَرَتْ مَعَهُ إِلَى مَدِيْنَةِ
الشَّفِيْعِ * وَمَاتَتْ عِنْدَهُ وَدُفِنَتْ فِي جَنَّةِ الْبَقِيْعِ * ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا أُخْتَهَا وَهِيَ أُمُّ كُلْثُوْمٍ * وَمَاتَتْ عِنْدَهُ أَيْضًا وَقَبْرُهَا
فِي الْبَقِيْعِ مَعْلُوْمٌ * فَيَكُوْنُ قَدْ تَزَوَّجَ مِنْ بَنَاتِ النَّبِيِّ اِثْنَتَيْنِ
* وَلِذٰلِكَ اِشْتَهَرَ بَيْنَ اْلأَنَامِ بِذِي النُّوْرَيْنِ * وَلَوْ كَانَتْ هُنَاكَ ثَالِثَةً لَمَنَّ بِهَا عَلَيِهِ سَيِّدِ الْكَوْنَيْنِ *
وَالسَّادِسَةُ : فَاطِمَةُ
الْغَرَّاءُ * اَلْمَعْرُوْفَةُ بِالْبَتُوْلِ
وَالزَّهْرَاءِ
* أُمُّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَهْلِ الرِّضَا
* وَزَوَّجَ اْلإِمَامُ
عَلِى
الْمُرْتَضَى * الَّذِي أَحْسَنَ عِشْرَتِهَا وَأَخْلَصَ
لَهَا حُبَّهَا
* وَلَمْ
يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا حَتَى
قَضَتْ عِنْدَهُ
نَحْبَهَا * وَكَانَتْ وَفَاتُهَا
سَنَةَ إِحْدَى
عَشْرَةَ مِنَ
الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ * بَعْدَ أَنْ
عُمِرَتْ ثَلَاثِيْنَ سَنَةً
قَمَرِيَّةً * وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيْعِ
عَلَى أَصَحِّ اْلأَقْوَالِ الْمَرْوِيَّةِ * وَقِيْلَ دُفِنَتْ بِبَيْتِهَا الَّذِي
بِجَانِبِ الْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ * وَهُوَ فِي
الْمَسْجِدِ اْلآنَ
وَلَيْسَ فِي
ذٰلِكَ رِوَايَةٌ مَرْضِيَّةٌ * وَبِهٰذَا تَعْلَمُ أَنَّ
بَنَاتِهِ دَخَلْنَ
فِي
اْلإِسْلَامِ * وَهَاجَرْنَ مَعَهُ
إِلَى الْمَدِيْنَةِ مِنَ
الْبَلَدِ
الْحَرَامِ *
فَهَؤُلَاءِ جُمْلَةُ
أَوْلِادِهِ مِنْهَا
رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمْ
أَجْمَعِيْنَ * وَحَشَرْنَا فِي
زُمْرَتِهِمْ مَعَ
رَسُوْلِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ * آمِينْ *
الّٰلهُمَّ انْشُرْ
نَفَحَاتَ الرِّضْوَانِ عَلَيْهَا # وَأَمِدَّنَا مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي أَوْدَعْتَهَا
لَدَيْهَا
الّٰلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى
زَوْجِهَا الْأَمِينْ # سَيِّدِنِا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينْ
وَمِنْ فَضَائِلِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ كَانَ
لَا يَنْسَى
أَبَدًا وُدَّهَا
* وَيَحْفَظُ فِي أَهْلِهَا عَهْدَهَا
* فَيَبْعَثُ لَهُمْ
بِمَا يَأْتِيْهِ
مِنَ
الْهَدَايَا * وَلَا يَتْرُكُهُمْ إِذَا
قَسَمَ بَيْنَ
أَصْحَابِهِ
الْعَطَايَا * وَقَدْ يَذْبَحُ
الشَّاةَ بِنَفْسِهِ
ثُمَّ يُقَطِّعُ أَعْضَاءَهَا * وَيَخُصُّ بِهَا أَصْدِقَاءَهَا وَأَقْرِبَاءَهَا : فَإِذَا
غَارَتْ السَّيِّدَةُ عَائِشَةَ
وَلَمْ يَتَحَمَّلْ ذٰلِكَ قَلْبُهَا * قَالَ لَهَا صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ * لَقَدْ رُزِقْتُ
حُبَّهَا * فَأَنَا أُحبُّ مَنْ
يُحِبُّهَا
*
وَمِنْ فَضَائِلِهَا الْمَرْوِيَّةِ عَنْ
أَئِمَّةِ الْمُحَدِّثِيْنَ الْكِبَارِ * فِي كَثِيْرٍ مِنْ
كُتُبِ السُّنَنِ
وَالسِّيَرِ
وَاْلآثَارِ * اَنَّهُ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ
كَانَ يُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِهَا
* وَيَنْشُرُ بَيْنَ
الْجَمِيْعِ طَيِّبَ
خَبَرِهَا
وَحُسْنَ بِرِّهَا * وَيُثْنِي عَلَيْهَا أَحْسَنَ
الثَّنَاءِ * وَيَسْتَغْفِرُ
لَهَا اللهَ
وَيُكْثِرُ لَهَا
مِنَ الدُّعَاءِ * وَيَتَحَدَّثُ
عَنْ مَا
لَهَا مِنَ
الشَّرَفِ وَالْفَضْلِ وَالْكَمَالِ * وَيَسْتَرْسِلُ فِي ذٰلِكَ الْحَدِيْثِ دُوْنَ مَلَلٍ وَلَوْ طَالَ * فَإِذَا سَمِعَتْهُ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ يَتَحَدَّثُ عَنْهَا
* غَارَتْ أَشَدَّ الْغَيْرَةِ مِنْهَا * وَقَالَتْ
: مَا هِيَ اِلَّا حَمْرَاءُ الشِّدْقَيْنِ عَجُوْزًا كَبِيْرَةً
* وَقَدْ
عَوَّضَكَ اللهُ خَيْرًا مِنْهَا شَابَةً صَغِيْرَةً
* فَكَانَ
يَغْضَبُ مِنْ قَوْلِهَا
* وَيُخَاصِمُهَا عَلَى فِعْلِهَا
* وَيَقُوْلُ : مَا أَبْدَلَنِيَ اللهُ خَيْرًا مِنْهَا لَقَدْ آمَنَتْ بِي
إِذْ كَفَرَ النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِيَ النَّاسُ وَآوَتْنِي إِذْ رَفَضَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي إِذْ حَرَّمَنِيَ النَّاسُ وَرَزَقَنِي أَوْلَادَهَا إِذْ حَرَّمَنِي أَوْلَادَ
النِّسَاءِ *١
--------------------
١) أصله في الصحيحين، وله روايات كثيرة عند أحمد وأبو حاتم )
والدولابي والطبري وغيرهم.
وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ اْلآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ
* عَنِ
السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ الصِّدِّيْقِيَّةِ
* اَنَّهَا قَالَتْ : ذَكَرَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَدِيْجَةَ بِاهْتِمَامٍ * فَاحْتَمَلَتْنِي الْغَيْرَةُ وَقُلْتُ فِيْهَا مَا لَا يَنْبَغِي مِنَ الْكَلَامِ * فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ تَغَيُّرًا مَا كُنْتُ أَرَاهُ اِلَّا عِنْدَ نُزُوْلِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ
* وَسُقَطْتُ فِي جِلْدِي وَنَدِمْتُ عَلَى إِسَاءَتِي بِذٰلِكَ إِلَيْهِ * وَقُلْتُ
: اَلّٰلهُمَّ اِنْ أَذْهَبْتَ غَيْظَ رَسُوْلِكَ اْلآنَ * لَمْ أَعُدْ أَذْكُرُهَا بِسُوْءٍ مَا بَقِيْتُ مَدَى اْلأَزْمَانِ * فَلَمَّا رَأَى ذٰلِكَ مِنِّى
* عَذَرَنِي
وَسَامَحَنِي وَعَفَا عَنِّى
* وَذَكَرَ لِي طَرَفًا مِنْ
فَضَائِلِهَا الْغَرَّاءِ * وِبِهٰذَا تَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَتَهَا لَا عَنْ بُغْضٍ أَوْ عَدَاءٍ * وَاِنَّمَا هِيَ طَبِيْعَةٌ مَعْرُوْفَةٌ
فِي النِّسَاءِ * وَعَائِشَةُ هِيَ الَّتِي نَقَلَتْ لَنَا فِي فَضْلِ خَدِيْجَةَ ذٰلِكَ الْخَبَرَ * وَلَوْلَاهَا مَا كُنَّا وَقَفْنَا لَهَ عَلَى عَيْنٍ وَلَا أَثَرٍ *
* * *
وَمِنْ فَضَائِلِهَا عَلَيْهَا الرَّحْمَةُ وَاْلإِكْرَامُ * اَنَّ رَبَّ الْعِزَّةِ أَرْسَلَ بِهَا مَعَ جِبْرِيْلَ اَلسَّلَامَ
* فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ هٰذِهِ خَدِيْجَةُ قَدْ أَتَتْكَ بِإِنَاءٍ فِيْهِ إِدَامٌ وَطَعَامٌ
* فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّى اَلسَّلَامَ
* فَلَمَا بَلَغَهَا قَالَتْ : اَللهُ السَّلَامُ وَمِنْهُ السَّلَامُ وَعَلَى جِبْرِيْلَ السَّلَامُ
* وَقَدْ ثَبَتَ ذٰلِكَ عَنِ الشَّيْخَيْنِ * فِي كِتَابَيْهِمَا الْمَعْرُوْفَيْنِ بِالصَّحِيْحَيْنِ
*
وَمِنْ خَصَائِصِهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مَا رَوَاهُ
الشَّيْخَانِ * اَنَّ جِبْرِيْلَ بَشَّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجِنَانِ * إِذْ قَالَ ذٰلِكَ الْمَلَكُ الْمُكَرَّمُ * لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ وَسَلَّمَ بَشِّرْ خَدِيْجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ١ لَا صَخَبٍ ٢فِيْهِ وَلَا نَصَبٍ٣*
--------------------
١) لؤلؤ مجوف. )
٢) لا صياح. )
٣) التعب. )
وَمِنْ فَضَائِلِهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا الْغَرَّاءُ
* اَنَّهَا
وَقَفَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ * وَلَمْ تَرْضَ أَنْ تَتْرُكَهُ لَمَّا قَاطَعَهُ فِي الشِّعْبِ اْلأَعْدَاءُ، فَخَرَجَتْ عَنْ بَيْتِهَا الرَّفِيْعِ * وَمُقَامِهَا
الْمَنِيْعِ * وَدَخَلَتْ مَعَهُ الشِّعْبَ فَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَحْصُوْرِيْنَ * وَلَمْ تُبَالِ بِسِنِّهَا الَّذِي زَادَ عَلَى السِّتِّيْنَ
* رَغْبَةً فِي مُتَابَعَةِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِيْنَ *
فَاسْتَبْدَلَتْ حَيَاةَ الْعِزِّ وَالرِّفَاهِيَةِ * بِتِلْكَ
الْحَيَاةِ الْخَشِنَةِ الْقَاسِيَةِ * وَكَمْ ذَاقَتْ مَعَهُمْ مِرَارَةَ الْعَطْشِ وَالْجُوْعِ
* إِذْ
كَانَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَنِ الْجَمِيْعِ مَمْنُوْعٌ * فَيَحُقُّ لِلتَّارِيْخِ أَنْ يَحْنِيَ رَأْسَهُ أَمَامَ جَلَالِهَا * وَيُتَوِّجُ صَحَائِفَهُ بِكَرِيْمِ فِعَالِهَا *
وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَضَائِلَهَا لَا تُعَدُّ * وَمَنَاقِبُهَا
لَا تُحَدُّ * وَمَا عَسَى أَنْ يُقَالَ فِيْمَنْ وَصَفَهَا سَيِّدُ
وَلَدِ عَدْنَانَ * وَأَشَادَ
بِذِكْرِهَا عَلَى رُؤُوْسِ
اْلأَعْيَانِ * وَرَفَعَ شَأْنَهَا بَيْنَ النِّسَاءِ عَلَى كُلِّ شَأْنٍ
* وَذَكَرَ فَضْلَهَاَ وَشَرَفَهَا الثَّابِتَ بِالتَّحْقِيْقِ * وَشَكَرَ لَهَا مَوَاقِفَهَا مَعَهُ فِي اْلإِيْمَانِ وَالتَّصْدِيْقِ *
فَمَا أَعْظَمَ أَخْلُاقَهَا الْقَوِيْمَةِ * وَسِيْرَتَهَا
الْمُسْتَقِيْمَةِ * الَّتِي هِيَ عَيْنُ أَوْصَافِ الْمُؤْمِنِ الْكَرِيْمِ * كَمَا أَخْبَرَ عَنْهَا الرَّسُوْلُ الْعَظِيْمُ * عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيْمِ
* إِذْ قَالَ : اِنَّ الْمُؤْمِنَ تَرَاهُ * قُوَّةً فِي دِيْنٍ * وَحَزْمًا فِي لِيْنٍ * وَاِيْمَانًا فِي يَقِيْنٍ * وَحِرْصًا فِي عِلْمٍ * وَعِلْمًا
فِي حِلْمٍ * وَشَفَقَةً فِي مَحَبَّةٍ * وَبِرًّا فِي اسْتِقَامَةٍ * وَقَصْدًا فِي غِنًى * وَتَجَمُّلًا فِي فَاقَةٍ * وَتَحَرُّجًا
عَنْ طَمَعٍ * وَكَسْبًا فِي حَلَالٍ * وَنَشَاطًا فِي هُدًى * وَنَهْيًا عَنْ شَهْوَةٍ * وَرَحْمَةً لِلْمَجْهُوْدِ * وَاِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَظْلِمُ مَنْ يُبْغِضُ * وَلَا يَأْثَمُ فِيْمَنْ يُحِبُّ
* وَلَا يُضَيِّعُ مَا اسْتُوْدِعُ
* وَلَا يَحْسُدُ وَلَا يَطْعَنُ
* فِي الزَّلَازِلِ وَقُوْرًا * وَفِي الرَّخَاءِ شَكُوْرًا * فَكَأَنَّ هٰذِهِ اْلأَوْصَافَ وَاْلأَخْلَاقَ * مُنْطَبِقَةً عَلَى السَّيِّدَةِ خَدِيْجَةَ تَمَامَ اْلإِنْطِبَاقِ *
الّٰلهُمَّ انْشُرْ
نَفَحَاتَ الرِّضْوَانِ عَلَيْهَا # وَأَمِدَّنَا مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي
أَوْدَعْتَهَا لَدَيْهَا
الّٰلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى
زَوْجِهَا الْأَمِينْ # سَيِّدِنِا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينْ
وَفَاتُهَا
وَلَمَّا تَمَّتْ لَهَا الْكَمَالَاتُ الْبَاهِرَةُ * وَتَوَطَّنَتْ
الرُّتْبَةُ السَّامِيَةُ الْعَلِيَّةُ الْفَاخِرَةُ * وَامْتَدَّتْ
أَنْوَارُهَا وَآيَاتُهَا الْمُتَكَاثِرَةُ * تُوُفِّيَتْ رَضِىَ اللهُ عَنْهَا فِي الْيَوْمِ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ
* قَبْلِ
هِجْرَةِ سَيِّدِ وَلَدِ عَدْنَانَ * بِثَلَاثِ سِنِيْنَ عَلَى اْلأَصَحِّ مِنَ اْلأَقَاوِيْلِ
* وَقِيْلَ بِأَرْبَعٍ وَقِيْلَ بِسَبْعٍ عَلَى مَا قِيْلَ * وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
* لِأَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ الصَّلَاةُ عَلَى
الْمَيِّتِ فِي ذٰلِكَ الْعَامِ * وَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي قَبْرِهَا
* وَسَوَّى عَلَيْهَا التُّرَابَ وَأَحْسَنَ نُزُلَهَا
* وَهِيَ فَضِيْلَةٌ لَهَا دُوْنَ غَيْرِهَا مِنْ أُمَّهَاتِ
الْمُؤْمِنِيْنَ، رَضِىَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُنَّ أَجْمَعِيْنَ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ * وَكَانَ لَهَا مِنَ الْعُمْرِ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ * وَدُفِنَتْ بِمَقْبَرَةِ الْمَعْلَى الْمَعْرُوْفَةِ
بِالْحَجُوْنِ * وَهٰذَا وَاِنْ كَانَ قَدْ ثَبَتَ بِطَرِيْقِ اْلآحَادِ * اِلَّا أَنَّهُ اشْتَهَرَ كُلَّ اْلإِشْتِهَارِ بَيْنَ كَافَّةِ
الْعِبَادِ *
الّٰلهُمَّ انْشُرْ
نَفَحَاتَ الرِّضْوَانِ عَلَيْهَا # وَأَمِدَّنَا مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي
أَوْدَعْتَهَا لَدَيْهَا
الّٰلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى
زَوْجِهَا الْأَمِينْ # سَيِّدِنِا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينْ
دُعَاءٌ
وَحَيْثُ تَشَرَّفَتْ اْلأَسْمَاعُ بِذِكْرِ أَخْبَارِهَا * وَبَيَانِ فَضَائِلِهَا وَنَشْرِ آثَارِهَا حَسُنَ مِنَّا أَنْ
نَخْتِمَ ذٰلِكَ بِالدُّعَاءِ
* مُتَوَجِّهِيْنَ إِلَى اللهِ رَبِّ
الْعَالَمِيْنَ قَاصِدِيْنَ مُخْلِصِيْنَ قَائِلِيْنَ : اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِيْنَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ
*
اَللّٰهُمَّ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ ذُكِرَ * وَأَحَقُّ مَنْ عُبِدَ وَأَرْأَفُ مَنْ مَلَكَ وَأَجْوَدُ مَنْ سُئِلَ وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى أَنْتَ الْمَلِكَ لَا شَرِيْكَ لَكَ وَالْفَرْدُ لَا نِدَّ لَكَ، كُلُّ شَيْئٍ هَالِكٌ اِلَّا وَجْهَكَ لَا تُطَاعُ اِلَّا بِإِذْنِكَ وَلَنْ تُعْصَى اِلَّا بِعِلْمِكَ تُطَاعُ فَتَشْكُرُ
وَتُعْصَى فَتَغْفِرُ أَقْرَبُ شَهِيْدٍ وَأَدْنَى حَفِيْظٍ
حُلْتَ دُوْنَ النُّفُوْسِ وَأَخَذْتَ بِالنَّوَاصِي وَكَتَبْتَ اْلآثَارَ وَنَسَخْتَ اْلآجَالَ، الْقُلُوْبُ لَكَ مُفْضِيَةٌ وَالسِّرُّ عِنْدَكَ عَلَانِيَةٌ الْحَلَالُ مَا أَحْلَلْتَ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمْتَ وَالدِّيْنُ مَا شَرَعْتَ وَاْلإَمْرُ مَا قَضَيْتَ وَالْخَلْقُ خَلْقُكَ وَالْعَبْدُ عَبْدُكَ وَأَنْتَ اللهُ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ نَسْأَلُكَ بِنُوْرِ وَجْهِكَ الْكَرِيْمِ، الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ
وَالْأَرْضُ وَبِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَكَ وَبِحَقِّ السَّائِلِيْنَ عَلَيْكَ أَنْ تُقِيْلَنَا وَتُجِيْرَنَا مِنَ النَّارِ بِقُدْرَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ
*
اَللّٰهُمَّ نَحْمَدُكَ عَلَى مَا هَدَيْتَ وَنَشْكُرُكَ عَلَى جَزِيْلِ مَا أَسْدَيْتَ وَنَسْتَعِيْنُكَ عَلَى رِعَايَةِ
مَا أَسْبَغْتَ مِنَ النِعَمِ وَنَسْتَهْدِيْكَ الشُّكْرَ عَلَى
مَا كَفَيْتَ مِنَ النِّقَمِ وَنَعُوْذُ بِكَ مِنْ عَثَرَاتِ الِّلسَانِ وَغَفَلَاتِ
الْجَنَانِ وَمِنْ غَدَرَاتِ الزَّمَانِ وَنَسْأَلُكَ اللُّطْفَ فِيْمَا قَضَيْتَ وَقَدَّرْتَ وَالْمَعُوْنَةَ عَلَى مَا أَمْضَيْتَ وَنَسْتَغْفِرُكَ مِنْ قَوْلٍ يَعْقُبُهُ النَّدَمُ أَوْ فِعْلٍ تَزِلُّ بِهِ الْقَدَمُ فَأَنْتَ الثِّقَةُ لِمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ وَالْعِصْمَةُ لِمَنْ فَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَيْكَ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إَلَى اللهِ اِنَّ اللهَ بَصِيْرٌ بِالْعِبَادِ
رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ
الْمَصِيْرُ *
اَللّٰهُمَّ افْتَحْ مَسَامِعَ قُلُوْبِنَا لِذِكْرِكَ وَارْزُقْنَا طَاعَتَكَ وَطَاعَةَ نَبِيِّكَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ وَسَلَّمْ وَعَمَلًا بِكِتَابِكَ
وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ
سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ *
اَللّٰهُمَّ اجْعَلْنَا نَخْشَاكَ وَكَأَنَّا نَرَاكَ أَبَدًا حَتَّى نَلْقَاكَ وَأَسْعِدْنَا بِتَقْوَاكَ وَلَا تُشْقِنَا
بِمَعْصِيَتِكَ *
اَللّٰهُمَّ اِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى وَحُسْنَ الظَّنِّ وَحُسْنَ الْخُلُقِ *
اَللّٰهُمَّ أَغْنِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَبِطَاعَتِكَ
عَنْ مَعْصِيَتِكَ وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ
*
اَللّٰهُمَّ اِنَّا نَعُوْذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرْكِ الشَّقَاءِ، وَسُوْءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ اْلأَعْدَاءِ وَعُضَالِ الدَّاءِ، وَخَيْبَةِ الرَّجَاءِ *
اَللّٰهُمَّ طَهِّرْ قُلُوْبَنَا مِنَ النِّفَاقِ وَأَعْمَالَنَا مِنَ الرِّيَاءِ، وَأَلْسِنَتَنَا مِنَ الْكَذِبِ وَأَعْيُنِنَا مِنَ الْخِيَانَةِ اِنَّكَ تَعْلَمُ خَائِنَةَ اْلأُعْيُنِ
وَمَا تُخْفِى الصُّدُوْرُ
*
اَللّٰهُمَّ جَمِّلْ أُمُوْرَنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَعَافِنَا مَا أَبْقَيْتَنَا وَبَارِكْ لَنَا فِيْمَا خَوَّلْتَنَا وَاحْفَظْ عَلَيْنَا
مَا أَوْلَيْتَنَا وَارْحَمْنَا إِذَا تَوَفَّيْتَنَا
وَسَامِحْنَا إِذَا حَاسَبْتَنَا، وَلَا تَسْلُبْنَا اْلإِيْمَانَ وَقَدْ هَدَيْتَنَا
*
اَللّٰهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي
بِهَا قُلُوْبَنَا وَتَجْمَعُ بِهَا شَمْلَنَا وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثَنَا
وَتَرُدُّ بَهَا الْفِتَنَ عَنَا وَتُصْلِحُ بِهَا حَالَنَا وَتَحْفَظُ بِهَا غَائِبَنَا وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدَنَا وَتُبَيِّضُ بِهَا وُجُوْهَنَا وَتُزَكِّي بِهَا أَعْمَالَنَا وَتُلْهِمُنَا بِهَا رُشْدَنَا وَتَعْصِمُنَا مِنْ كُلِّ سُوْءٍ *
اَللّٰهُمَّ أعْطِنَا اِيْمَانًا صَادِقًا وَيَقِيْنًا لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ وَرَحْمَةً نَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ
*
اَللّٰهُمَّ اِنَّا نَسْأَلُكَ الْفَوْزَ عِنْدَ الْقَضَاءِ وَنُزُلَ
الشُّهَدَاءِ وَمُرَافَقَةَ اْلأَنْبِيَاءِ وَالنَّصْرَ عَلَى اْلأَعْدَاءِ *
اَللّٰهُمَّ خُذْ بِأَيْدِيْنَا فِي الْمَضَائِقِ وَاكْشِفْ لَنَا وُجُوْهَ الْحَقَائِقِ وَوَفِّقْنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى
وَاعْصِمْنَا مِنَ الزَّلَلِ وَلَا تَسْلُبْنَا سِتْرَ اِحْسَانِكَ وَقِنَا مَصَارِعَ السُّوْءِ وَاكْفِنَا كَيْدَ الْخَائِنِيْنَ وَشَمَاتَةَ اْلأَضْدَادِ وَالْطُفْ بِنَا فِي سَائِرِ تَصَرُّفَاتِنَا وَاكْفِنَا مِنْ جَمِيْعِ جِهَاتِنَا
يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ
*
اَللّٰهُمَّ أعْطِنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا تَقِيْنَا بِهِ فِتْنَتَهَا وَتُغْنِيْنَا بِهِ عَنْ أَهْلِهَا وَيَكُوْنُ بَلَاغًا لَنَا إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ
وَلَا قُوَّةَ اِلَا بِكَ *
اَللّٰهُمَّ اِنَّا نَسْأَلُكَ نِعْمَةً تَامَّةً وَرَحْمَةً شَامِلَةً
وَعَافِيَةً دَائِمَةً وَعَيْشًا رَغِيْدًا وَعُمْرًا سَعِيْدًا
وَاِحْسَانًا تَامًّا وَاِنْعَامًا عَامًّا وَعَمَلًا صَالِحًا وَعِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا
*
اَللّٰهُمَّ كُنْ لَنَا وَلَا تَكُنْ عَلَيْنَا وَاخْتِمْ بِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا وَحَقِّقْ بِالزِّيَادَةِ أَعْمَالَنَا وَاقْرِنْ بِالْعَافِيَةِ غُدُوَّنَا وَآصَالَنَا وَاجْعَلْ لِي رَحْمَتَكَ مَصِيْرَنَا وَمَآلَنَا وَاصْبُبْ سِجَالَ عَفْوِكَ عَلَى ذُنُوْبِنَا وَمُنَّ عَلَيْنَا بِإِصْلَاحِ أَعْمَالِنَا وَاسْتُرْ عُيُوْبَنَا وَاجْعَلْ التَّقْوَى زَادَنَا وَفِي دِيْنِكَ اِجْتِهَادَنَا وَعَلَيْكَ تَوَكُّلُنَا وَاعْتِمَادُنَا
*
اَللّٰهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَى نَهْجِ اْلإِسْتِقَامَةِ وَأَعِذْنَا مِنْ مُوْجِبَاتِ النَّدَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَخَفِّفْ عَنَّا ثِقَلَ
اْلأَوْزَارِ وَارْزُقْنَا عَيْشَةَ اْلأَبْرَارِ وَاكْفِنَا
وَاصْرِفْ عَنَّا شَرَّ اْلأَشْرَارِ وَاعْتِقْ رِقَابَنَا وَرِقَابَ آبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا مِنَ النَّارِ يَا عَزِيْزُ يَا غَفَّارُ
يَا كَرِيْمُ يَا سَتَّارُ يَا حَلِيْمُ يَا جَبَّارُ بِرَحْمَتِكَ
يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ
*
اَللّٰهُمَّ كَمَا مَنَنْتَ عَلَى السَّيِّدَةِ خَدِيْجَةَ بِتَمَامِ
التَّصْدِيْقِ وَاْلإِيْمَانِ بِنَبِيِّكَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وآلِهِ وَسَلَّمَ فَمَنَّ عَلَيْنَا بِذٰلِكَ يَا قَدِيْمَ اْلإِحْسَانِ وَكَمَا تَفَضَّلْتَ عَلَيْهَا بِتَعْظِيْمِ حُرْمَتِهِ وَحِفْظِ عَهْدِهِ وَذِمَّتِهِ وَنَصْرِ حِزْبِهِ وَدَعْوَتِهِ
وَمُتَابَعَةِ سَبِيْلِهِ وَسُنَّتِهِ وَتَأْيِيْدِ كَلِمَتِهِ وَحُجَّتِهِ
فَتَفَضَّلْ عَلَيْنَا بِذٰلِكَ وَاكْتُبْ لَنَا مِنْ ذٰلِكَ الْحَظَّ اْلأَوْفَرَ وَالنَّصِيْبَ اْلأَكْبَرَ وَوَفِّقْنَا لِلْإِسْتِمْسَاكِ بِسُنَّتِهِ وَلُزُوْمِ مِلَّتِهِ حَتَّى نَمُوْتَ عَلَيْهَا وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَتَحْتَ لِوَائِهِ وِاجْعَلْنَا مِنْ رُفَقَائِهِ وَأَوْرِدْنَا حَوْضَهُ وَاسْقِنَا بِكَأْسِهِ وَانْفَعْنَا بِمَحَبَّتِهِ وَتُبْ عَلَيْنَا وَاحْفَظْنَا مِنْ جَمِيْعِ
الْبَلَاءِ وَالْبَلْوَاءِ وَالْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَاغْفِرْ لَنَا وِلِجَمِيْعِ الْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ اَلأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَاْلأَمْوَاتِ * وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ *
ولما رأى هذه الرسالة بعض مشايخنا من كبار العلماء المدرسين بالمسجد الحرام قال : أيا مهدى البشرى سعدت لك البشرى * بنبيل الرضا من تلكم الجدة الكبرى ودمت قرير العين فيمن تحبه * تفوز بما ترجو بدنياك والأخرى *
Komentar
Posting Komentar